إِنَّ اسْمَ وَالِدَةِ الإِلَهِ يَحمِلُ في مَعناهُ كَلَّ سِرِّ التَّدبيرِ الخَلاصِيِّ لِلبَشَرِ. هذا ما عَبَّرَ عَنهُ المُدافِعُ الكَبيرُ عَنِ الأَيقوناتِ القِدّيسُ يوحنّا الدِّمَشْقِيُّ.

هذا الاسْمُ بِالتَّحديدِ يُشيرُ إلى الحَدَثِ الأَهَمِّ في البَشَرِيَّةِ جَمْعاءَ، ألا وهو اتِّحادُ الطَّبيعَةِ الإِلهِيَّةِ بالطَّبيعَةِ البَشَرِيَّةِ، وبِالتّالي هو خلاصُ البَشَرِ مِنَ الفَسادِ والخَطيئَةِ.

صحيحٌ أنَّ هذا الاصطلاح "والدة الله" ثُبِّتَ في المجمع المسكوني الثالث الذي انعَقدَ في أفسس عام ٤٣١م، إلّا أنَّه جوهر إيماننا، وقد أتى في دستورِ الإيمانِ في المجمع الأوَّل في نيقية عام ٣٢٥م أنَّ "ابن الله تجسّد من الروح ​القدس​ و​مريم العذراء​"، والرب المولود منها بالطبيعة البشريّة لم ينفصل لحظةً عن طبيعته الإلهيّة الواحدة مع الآب في الجوهر.

كذلك لا يجب أن يغيبَ عن فِكرِنا ما قالته أليصابات لوالدَةِ الإلهِ عندما أتت العذراء تخدمها بعد البِشارةِ مباشرةً: "فمِن أين لي هذا أن تأتي أمُّ رَبِّي إليَّ Mήτηρ τοῦ Κυρίου" (لوقا٤٣:١).

بالمقابل استعمل هذا الاصطلاح قبل المجمع الثالث الكسندروس الإسكندريّ (٣١٣-٣٢٦م)، وأعتبر القدّيس غريغوريوس النزينزي (+٣٨٠م) "ملعون كلّ من لا يعتبر مريم والدة الإله THEOTOKOS.

Τόκος المولود هي صفة من الفعل τίκτω وتعني ألِد، أي خروج الجنين من الرحم To bring into the world، والأم η τόκο.

من هنا العذراء هي θεοτόκος، هي أم الرّبّ غير المنفصل في طبيعتيه الإلهيّة والبشريّة، وليس Χριστοτόκος أي أم المسيح كما ادعى نسطوريوس عندما وقَع في الهرطقة.

فالرّبّ ​يسوع المسيح​ مولود غير مخلوق، بمعنى غير مصنوع بيد أو مجبول، وغير منقسم على ذاته، بل إله كامل وإنسان كامل.

ونحن نرى على أيقونات والدة الإله الأحرف اليونانيّة MP ΘY.

هذه الأحرف هي تلخيص ل Mήτηρ Θεού أي والدة الإله. فَبَينَ السِّفرِ الأَوَّلِ مِنَ الكِتابِ المُقَدَّسِ وَالسِّفرِ الأَخيرِ مِنهُ، أَيْ بَينَ سِفْرِ التَّكوينِ وسِفرِ الرُّؤيا، نَتَعَرَّفُ إلى العَذراءِ مَريَمَ صاحِبَةِ النَّسلِ العَظيمِ، أمِّ يسوعَ المسيحِ ساحِقِ رَأسِ الحَيَّةِ، ونَتَعَرَّفُ أَيضاً إلى المَرأَةِ المُتَسَربِلَةِ بِالشَّمسِ، والقَمرُ تَحتَ رِجلَيها، وَعَلى رَأسِها إِكليلٌ من اثْنَيْ عَشَر كَوكَباً.

وَكَما تَجَسَّدَ اللهُ لِيُصبِحَ الإِنسانُ إِلهاً بالنعمة، هكذا هي مريمُ حوّاءَ الجَديدَةَ ومثال قَداسَةِ الإِنسانِ الَّذي يَتَلَفَّظُ بِما تَلَفَّظَتْ بهِ أمامَ دَعوَةِ اللهِ لَها عِندَما قالَتْ لِلْمَلاكِ: هوذا أَنا أَمَةُ الرَّبِّ، لِيَكُنْ لي بحَسَبِ قَولِكَ. (لو٣٨:١).

جَوابُ مَريمَ هذا هُوَ العُنوانُ العَريضُ لِلتَّأَلُّهِ. فاللهُ يَدعو وَالإِنسانُ يَقولُ: آمين.

وليسَ لِلْقداسَةِ مَصدَرٌ آخَرُ غَيرُ اللهِ، مِن هُنا ابتَهَلَتْ مَريَمُ في تَسْبِحَتِها قائِلَةً: "تُعَظِّمُ نَفسي الرَّبَّ وتَبتَهِجُ روحي باللهِ مُخَلِّصي". (لو٤٦:١-٤٧).

*رئيس قسم الانتاج في المركز الأنطاكي الأرثوذكسي للإعلام