أكدت مصادر رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ لصحيفة "الشرق الأوسط"، أنه "اتَّبع منذ حصول حادثة الجبل ​سياسة​ النَّفَس الطويل وأبدى كل مرونة لتوفير الحماية ل​مجلس الوزراء​ في حال انعقاده وقطع الطريق على نقل المشكلة إلى داخله"، مشيرة الى أن "الحريري كان ولا يزال صاحب المصلحة في التصدّي لكل من يحاول تمديد فترات تعطيل العمل الحكومي، خصوصاً بعد إقرار ​الموازنة​. كما أن الحريري واجه بصبر حيناً وبالتصدّي أحياناً للمحاولات الهادفة للالتفاف على صلاحياته مع أن الضربات في هذا الخصوص كانت تأتيه من الشريك الآخر في التسوية".

وأوضحت مصادر وزارية للصحيفة أن "​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ توخّى من طلبه إنعقاد جلسة للحكومة تمرير رسالة للداخل بأنه ليس هو من يعطّل انعقاد مجلس الوزراء ومن خلاله للمجتمع الدولي في ضوء ما يتردّد في الوسط الدبلوماسي الأوروبي والعربي بأن "​التيار الوطني الحر​" يتزعّم الحملات التي تطالب بربط انعقاد الحكومة بإحالة حادثة الجبل على ​المجلس العدلي​ مقرونة، كما يظهر، بتحميل مسؤولية حصولها للحزب "التقدمي الاشتراكي" برئاسة ​وليد جنبلاط​"، لافتة الى أن "محور الممانعة باستثناء حركة "أمل" برئاسة رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ هو من يراهن على محاصرة جنبلاط وتطويقه؛ ليس لإضعافه فحسب، وإنما للتقليل من دوره في المعادلة السياسية".

ورأت أن "الحريري هو من يدعو لعقد الجلسة، وبالتالي من صلاحيته إعداد جدول أعمالها بالتشاور مع عون"، مشددة على أن "من يعرقل المبادرة تلو الأخرى للمدير العام للأمن العام ​اللواء عباس إبراهيم​ بات معروفاً وأن الأخير اتَّبع سياسة طول البال معتمداً على دعم الرؤساء الثلاثة، وإن كان الفريق الوزاري المنتمي إلى "التيار الوطني" أو بعضه على الأقل هو من يعيق الوصول بهذه المبادرات إلى بر الأمان".

وأعربت المصادر عن إستغرابها لـ"لجوء البعض إلى التعامل مع طلب عون عقد جلسة للحكومة، كأن الحريري هو من يتحمل مسؤولية تعطيل الجلسات الوزارية"، مبينة أن "مثل هذا الاتهام لا يلقى تجاوباً أو تفهُّماً لدى ​المجتمع الدولي​ الذي يتواصل من خلال سفرائه لدى ​لبنان​ الذين يعفون رئيس الحكومة من هذه الاتهامات، لأنهم على تواصل معه وباتوا يلمّون بمعاناته وإن كان بطبعه يفضّل الصمت".

واعتبرت أن "من شروط تهيئة الأجواء لانعقاد الجلسة أن يبادر الرئيس عون إلى إقناع من يمون عليهم من قوى سياسية، إضافة إلى "التيار الوطني" بأن يبادروا إلى إزالة الحواجز من أمام انعقادها، لأن الفريق الآخر لن يتردّد في إبداء استعداده للمشاركة في الجلسات بلا شروط، باستثناء منع تحويلها إلى حلبة للصراع السياسي للانتقام من جنبلاط".

وتحدثت عن التدخّل في شؤون ​القضاء​ من قبل وزراء ليس من بينهم وزير العدل ​ألبير سرحان​، محذرة من "استمرار مثل هذه المداخلات وتتوعّد بأن تنشر لاحقاً بعض التفاصيل في هذا الخصوص".

وتوقعت عودة الحريري قريباً إلى ​بيروت​، وقالت إنها تراهن على "توجّه رئيس البرلمان لإطلاق مبادرة بغطاء كامل من "​حزب الله​" لعله ينجح هذه المرة؛ ليس في تحقيق مصالحة فحسب، وإنما في تعطيل ​الألغام​ السياسية التي يمكن أن تنفجر داخل مجلس الوزراء".

ودعت إلى "إعطاء فرصة لبري، والحريري يراهن على الدور الذي انبرى له لإعادة الأمور إلى نصابها، خصوصاً أن الأيام المقبلة، وربما قبل عطلة ​عيد الأضحى​، ستدفع في اتجاه اكتشاف الأوراق المستورة. وعليه فإن مصير التأزّم السياسي يتوقّف على التجاوب مع مبادرة بري كممر إلزامي لتحقيق الانفراج، إلا إذا كان هناك من لا يريد التعامل معها بإيجابية خوفاً من أن تحرجه".