لفت رئيس "حزب القوات ال​لبنان​ية" ​سمير جعجع​ إلى "حديث جرى بينه وبين رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ حول ​التعيينات​، قائلًا: "سألني الحريري، ماذا تريدون من التعيينات؟ أجبته، نريد اتباع آليّة في التعيينات ولا نريد شيئًا منها. عاد الحريري وسأل، ماذا لو لم يتمّ تعيين أحد من حصتكم من خلال الآليّة؟ فقلت له، اتّبعوا آلية في التعيينات ولا نريد أحدًا لنا". وشدّد على أنّ "الآليّة في التعيينات تسمح بتوظيف أشخاص لكلّ البلد، لأنّ لا فضل لأحد عليهم، وبالتالي سيكون هؤلاء المعيّنون لنا أيضًا، كما أنّه حتّى لو كانوا لنا أو لم يكونوا، لن نطلب منهم شيئًا خارج القانون".

وأوضح في كلمة له خلال عشاء أقامته منسقية جزين في المقر العالم للحزب، في معراب، أنّ "كلّ ما يطمح له "حزب القوات اللبنانية" نحاول تجسيده، والدليل تصرّفات وزرائنا ونوابنا"، منوّهًا إلى "أنّنا نتحدّث بجرأة لأنّنا شفافون ولم نخطئ خلافًا للبعض الّذي لا يكمل في الملفات المفتوحة حتّى النهاية، كي لا يفضح بعضهم البعض. أمّا نحن "القوات" فنجد أنفسنا بتواصل تام مع المقاومة اللبنانية الّتي أصبحت لكلّ لبنان، وهي مقاومة حقيقيّة هدفها قيام ​الدولة اللبنانية​، الدولة الّتي نطمح لها، لا دولة لا يمكنها تأمين ​الكهرباء​، ولا يمكنها تحمُّل اقتصادها وماليتها".

ودعا جعجع الجميع إلى "العمل سويًّا والتصويت لـ"القوات" لأنّ في نهاية المطاف مشروع "القوات" هو مشروع الجميع"، متمنياً على الجميع "تقييم السياسي من خلال أعماله على الأرض لا كلامه، إذ لا يكفي القول إنّنا ضدّ التوريث السياسي و​الفساد​، بل كيف يتمّ تنفيذهما، وفي النهاية حكّموا ضمائركم وأنا مع الخيار الّذي تجدونه الأفضل". ورأى "أنّنا نمرّ بوضع صعب لكن غير ميؤس منه، إلّا أنّه إذا بقي على ما هو عليه الآن، أو تمّت معالجته بالطريقة المتبعة حاليًّا، فسيصبح حتمًا أكثر يأسًا فهذا الوضع يحتاج إلى رجال دولة".

وبيّن أنّ "منذ ستة أشهر لغاية الآن، دقّ كثيرون جرس الإنذار، فهل شهدتم على تصرّف فوق العادة؟ على العكس، يتصرّفون وكأنّ لا شيء يحدث في البلد. البعض يبحث عن تفسيرات دستوريّة، وآخرون يتحدّثون عن الصلاحيّات، وهناك من يريد تحويل ملف ​قبرشمون​ على ​المجلس العدلي​، والمريض على الأرض"، مشيرًا إلى أنّ "كلّ هذه الصراعات تحدث في الوقت الّذي يحتاج فيه البلد إلى عناية في كلّ لحظة". وذكر أنّ "منذ شهر ونصف الشهر لم تجتمع الحكومة، في الوقت الّذي يجب أن تجتمع فيه كلّ يوم لاتخاذ الخطوات اللازمة وإنقاذ البلد. فيما يستذكر البعض حروب الماضي و​سوق الغرب​، ويتقاتل مع "​الحزب التقدمي الإشتراكي​"، من ثمّ يتّجه نحو "القوات" ويذكّر بحاجز ​البربارة​".

وسأل: "ألا يرى المسؤولون الكبار ما يحصل؟ كلّ مسؤول يرده تقرير يوميًّا عن الواردات والمصاريف الحالية، والمؤشرات الاقتصاديّة الّتي تنخفض يومًا بعد آخر، في الوقت الّذي يعمل فيه البعض على فتح أوراق الماضي وحادثة قبرشمون". ووضع خارطة طريق قابلة للتنفيذ، قائمة على: "النقطة الأولى، يجب وضع كلّ المواضيع الخلافية جانبًا، لأنّ المريض على الأرض ويجب إنقاذه، ولا يمكنه إنقاذ نفسه بل يحتاج إلى مساعدة، إذ لا يمكن التلهّي بأمور في الوقت الّذي يحتاج فيه هذا المريض إلى المساعدة. وفي ما يخصّ المطالبة بتفسير الدستور، يمكن تأجيل تفسير المادة ستة أشهر لكن ​الوضع المالي​ والاقتصادي لا يحتمل التأجيل، ويحتاج إلى معالجة سريعة".

وتطرّق جعجع إلى قضية قبرشمون سائلًا: "ألم يعد هناك عدالة في لبنان إلّا عبر المجلس العدلي؟ ألا يوجد خيار آخر؟". وأوضح أنّ "سبب رفضه للمجلس العدلي يعود إلى أنّ المحقّق العدلي محقّق استثنائي يملك صلاحيّات كثيرة، ويتمّ تعيينه من قبل وزير العدل. وهناك سوابق على هذا الأمر، تبدأ بقضية محطة الـ"lbc"، ولا تنتهي بقضايا أخرى"، لافتًا إلى أنّ "القضية أصبحت في ​المحكمة العسكرية​، وكلّ المؤشّرات تدلّ على أنّ هناك أمورًا مشبوهة تحصل، إذ كان يتوجّب وضع القضية بيد القاضي المعاون الأعلى رتبة وهو القاضي فادي عقيقي، لكن لم يحصل ذلك. من ثمّ أُخذت من القاضي ​فادي صوان​ وهو الرجل الحيادي، ووضعت بيد القاضي مارسيل باسيل، ألا تثير هذه الخطوات شكوكاً؟".

وركّز على أنّ "التحقيق الأولي بدأ في ​شعبة المعلومات​، والأجهزة الأمنية وافقت على التحقيقات، واليوم يعملون على تغيير التوصيف في الجريمة. لا يجوز اللعب بالقضاء والعدالة، وهذا الأمر مرفوض". وأفاد بأنّ "كلّ ما نطلبه اليوم إبعاد القضية عن مجلس الوزراء، ودعوا الحكومة تعمل على الأوضاع الاقتصادية والمالية"، سائلًا: "أيهما من بين الجريمتين الأكثر إرهابًا، حادثة قبرشمون أم ما فعله الوزير السابق ​ميشال سماحة​ في نقل المتفجرات وقتل الناس؟ وهي الجريمة الّتي كان يتوجب تحويلها إلى المجلس العدلي ولم يحصل ذلك".

كما وجد أنّ "ما يحصل هو استنساب سياسي لا تطبيق قانون. الأحزاب السياسيّة والسلطات والفئات السياسيّة تستنسب قضيّة معيّنة وتقرّر تحويلها من عدمه، باستثناء قضايا ​الإرهاب​ الّتي تنطبق عليها قضيّتا سماحة و​أحمد الأسير​، والاثنين لم يتمّ تحويلهما إلى المجلس العدلي". ونوّه إلى "أنّنا إذا وضعنا هذه الملفات جانبًا، وقرّرنا عقد جلسة مجلس وزراء، لا نريد بعد اليوم خططًا اقتصاديّة، بل نريد تطبيق بعض الأمور البسيطة".

أمّا بموضوع المعابر غير الشرعية، فأعلن جعجع أنّ "وزير الدفاع الوطني ​الياس بو صعب​ يحاول وضع ​الجيش اللبناني​ في الواجهة، لكن هذا الأمر غير صحيح. الجيش لا يتحمّل أيّة مسؤوليّة في هذه القصّة، بل المسألة تحتاج إلى قرار سياسي مكتوب ويُعلن بشكل رسمي يطلب من الجيش إقفال كلّ المعابر غير الشرعية، والجيش سينّفذ المهمة، وفي اليوم الثاني ستجدون أنها أقفلت جميعها. لكن للأسف، وزير الدفاع يأخد الأمور باتجاه مغاير ويتحدّث عن كيفيّة انتقاد الجيش لعدم إقفاله المعابر غير الشرعية، نحن لا ننتقد الجيش بل نقول أنتم لا تتخذون القرار المناسب".

وذكر أنّ "هناك من يتحدّث عن وجود قرى مشتركة وتقع جغرافيًّا بين ​لبنان وسوريا​. لم يطلب أحد منكم إنشاء حائط وسط القرية، كما تقولون، بل أقفلوا طريق المعبر عند الحدود اللبنانية"، مشيرًا إلى أنّه "يتمّ تمييع الموضوع في الوقت الّذي بإمكاننا إقفال المعابر وإدخال بين 100 و200 مليون دولار إلى خزينة الدولة، ونحمي بذلك الصناعة المحلية". وأوضح أنّ "بين المعابر غير الشرعية وتلك الشرعية يضيع على الدولة ما يقارب 800 و900 مليون دولار سنويًّا، إذ في الوقت الّذي تعمل فيه الدولة على فرض ضرائب على النرجيلة والزجاج الداكن، بإمكانها تحصيل مليار دولار بتدابير بسيطة عبر هذه المعابر".

وأفاد بأنّ "لجنة المال و​الموازنة​ سمّت 5300 موظّف غير قانوني، وهناك مؤسسات عامة لم تتمكّن اللجنة من دخولها، ما يعني ارتفاع العدد إلى 7000 موظّف تقريبًا، وهذا الموظّف الّذي أدخلوه إلى وظائف الدولة من أجل صوته الانتخابي لا يمكننا دفع راتبه، وهنا نتحدّث عن 50 و60 مليون دولار سنويًّا". وسأل: "هل يوجد مؤسسة أكثر فشلًا من "​مؤسسة كهرباء لبنان​"؟ كلفة الخسارة في الكهرباء سنويًّا ملياري دولار، وهناك مجلس إدارة منتهية ولايته، ولا يريدون تعيين مجلس إدارة جديد، كيف يمكن الخروج من الأزمة، والمسؤولون يتصرفون على هذا النحو؟"

وركّز على أنّ "البعض يتّهم الوكالات الدولية ببثّ الشائعات عبر التصنيف السلبي، في الوقت الّذي لا تجتمع فيه الحكومة، والسجالات السياسيّة لا نهاية لها، من دون أيّة جديّة لكّل المواضيع المطروحة، حتّى تلك التي لا تحتاج لأكثر من شهرين أو ثلاثة. ولو تمّ البحث في هذه النقاط الأربعة منذ بدء دراسة الموازنة لما وصلنا إلى ما نحن عليه". ورأى أنّ "بلدنا يحتاج إلى إنقاذ سريع، ولا أرى تصرّفات المسؤولين توحي بأيّة عمليّة إنقاذ. يجب علينا الضغط والطرح بشكل دائم حتّى نحقّق المطلوب، ماذا وإلّا فإنّنا متّجهون نحو الأيام الأصعب". وشدّد على أنّ "لبنان مرّ بأيام صعبة سابقًا، ولا يجب أن يبقى فيها، لكن يجب أن نتحمّلها لأنّ لبنان بلدنا ولا يمكننا تركه أو التخلّي عنه، بل يجب أن نناضل من أجل خلاصه بالطريقة المناسبة".