ذكرت مصادر مطلعة ل​صحيفة الجمهورية​، انّ بيان أمس للسفارة الاميركية حول حادثة ​قبرشمون​، صدر بعد مراجعات اميركية عدة مع مسؤولين وديبلوماسيين وعسكريين، بدأت منذ الحادثة وحتى اليوم، مشيرة الى انّ البيان جاء بعدما لم تؤدِ الاتصالات الى تهدئة الوضع ولا الى ايجاد حل قضائي وسياسي للحادث منعاً للتداعيات.

وكشفت المصادر ان ​السفيرة الاميركية​ التقت رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ومسؤولين آخرين بعيداً من الاضواء، وطلبت منهم احتواء الموضوع وعدم تسييسه، لأنّ لدى الأميركيين معلومات عن وجود نية لوضع هذا الحادث في اطار تعطيل العمل الحكومي ال​لبنان​ي والمس بالقوى السيادية، في هذه المرحلة التي تشهد نزاعاً اميركياً ـ ايرانياً في المنطقة، وقد بلغت ارتداداته الساحة اللبنانية".

وأضافت المصادر نفسها، "انّ ​السفارة الاميركية​ عندما وجدت انّ كل مراجعاتها لم تؤدِ الى نتائج إيجابية اضطرت إلى اصدار هذا البيان الذي يحمل في طياته رسائل تحذيرية أمنية واقتصادية قبل الرسائل السياسية". ولفتت في هذا الاطار، الى انّ قدرة واشنطن على التأثير على الدول المانحة المشاركة في مؤتمر "سيدر" كبيرة جداً، كما انها تتجّه الى توسيع رقعة العقوبات".

واعتبرت المصادر ان "ليست قيمة البيان بسطوره القليلة، وإنما بالإجراءات التي في إمكان اميركا ان تتخذها في حال لم يتجاوب المسؤولون مع هذا البيان، خصوصاً انّ البيان شدّد على الناحية القضائية من دون الدخول في التفاصيل. وأبرز ما قد تقوم به اميركا في حال عدم تجاوب لبنان:

ـ اولاً، توسيع رقعة العقوبات لتطاول مسؤولين في الدولة اللبنانية. وسبق لمسؤولين اميركيين ان لمّحوا سابقاً اكثر من مرة إلى ذلك.

ـ ثانياً، التأثير على مؤسسات التصنيف الدولية.

ـ ثالثاً، التأثير على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهما مرجعيتان معنيتان بتوفير القروض الاستثمارية للبنان.

ـ رابعاً، فرض بعض القيود على تأشيرات اللبنانيين، علماً انّ السفيرة الاميركية اعلنت باكورة هذا الموقف منذ 48 ساعة، عندما اصدرت بيان السفارة، مطالبة بخفض قيمة تأشيرات الدخول للرعايا الاميركيين استناداً الى مبدأ التعامل بالمثل.

ـ خامساً، إعادة النظر في نوعية التعامل مع عدد من المؤسسات اللبنانية بما فيها المؤسسات الامنية".

وعلمت "الجمهورية"، أنّ هناك إتصالات تجري بين سفراء دول الإتحاد الاوروبي لإصدار بيان مماثل لبيان السفارة الاميركية، وسيشهد يوم غد سلسلة لقاءات بين هؤلاء السفراء لتقييم مدى ضرورة إصدار هذا البيان، لأنّ بعض سفراء الدول الاوروبية يعتبر انّ صدور بيان مماثل قد يُفسّر على أنه التحاق بالموقف الاميركي".

وأضافت المصادر، ان "اللافت، انّ حادثة قبرشمون حصلت منذ 5 اسابيع، في حين انّ البيان الاميركي لم يصدر إلاّ أمس، أي بعد ان توافرت لدى واشنطن معلومات عن رغبة اطراف معينة وفي طليعتها "حزب الله" في تسييس الموضوع. وهذا الامر من شأنه ان يعطي جرعة دعم لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ومختلف القوى السيادية. كما انّ البيان صدر في بيروت ولكنه وُضع في واشنطن وتحديداً وزارة الخارجية الأميركية، وقد أُعلن عنه ليس مبادرة من السفارة فقط، وأنما هو موقف اميركي مركزي، وتكمن اهميته في انه ليس بياناً عن قبرشمون والحادث انما ببعده السياسي. ويُنتظر ان يردّ عليه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يوم الجمعة المقبل".

وفي السياق نفسه، دعت مصادر ديبلوماسية غربية عبر "الجمهورية" الى قراءة هذا البيان الأميركي "بكثير من الجدّية والتأني وما بين سطوره". وقالت: "إنّ واشنطن التي تراقب التطورات اللبنانية بأدق تفاصيلها احتفظت حتى الآن بطاقمها الديبلوماسي كاملاً في بيروت التي غادرها معظم الطاقم الديبلوماسي الأوروبي والغربي، في اجواء توحي باللامبالاة تجاه ما يجري في لبنان، على رغم من حجم الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية المفتوحة على شتى الإحتمالات السلبية".