إحتراماً لدماء رامي سلمان وسامر أبو فراج وقبلهما علاء أبي فرح الذين سقطوا خلال أحداث البساتين وقبرشمون والشويفات، حبذا لو يوقف مناصرو ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ و​الحزب الديمقراطي اللبناني​ حملات وسائل التواصل الإجتماعي التي تتمحور حول عنواني، من ربح ومن خسر أكثر من الآخر بعد لقاء المصارحة والمصالحة الذي جمع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي ​وليد جنبلاط​ ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني ​طلال أرسلان​ في القصر الجمهوري.

نعم، لو يصمت مناصرو الفريقين لأن الخاسر الأول والأخير مما حصل هو أهالي الضحايا، وعلى رأسهم إبنة رامي سلمان التي إحتفلت بعيد ميلادها الثاني منذ أيام قليلة من دون والدها التي ستحرم منه مدى العمر، ولأن الخاسر الثاني والأخير هو البلد الذي تضرر على كل المستويات بفعل أزمة تعطيل الحكومة التي دامت ٤٠ يوماً ومن أبرز أوجه هذا الضرر، أزمة النفايات التي تلوح في الأفق في المتن وكسروان بسبب تأخّر إتخاذ القرار المناسب لتأمين البديل عن مطمر الجديدة الذي يصل الى سعته القصوى في أيلول المقبل، هذا من دون أن ننسى الضرر الإقتصادي والمالي الذي لحق بلبنان في الشهر الأخير.

أما ما تبقى فهو تفاصيل، وتحديداً لناحية ما سجّله الحزبان الإشتراكي والديمقراطي من نقاط في السياسة على بعضهما البعض. ما تبقى ليس سوى تفاصيل، لأن فريقي النزاع في الجبل تنازلا وإنكسرا بمجرد قبولهما بطيّ الصفحة والمشاركة بلقاء المصارحة والمصالحة الذي عقده رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​.

تنازل طلال أرسلان، أولاً لأنه رفع سقف مطالبه الى أعلى المستويات، ثم عاد ​مجلس الوزراء​ الى الإنعقاد ومن دون إحالة ملف جريمة قبرشمون والبساتين على المجلس العدلي. ولأنه كرر ولأكثر من مرة أن المسار القضائي للملف عبر ​المحكمة العسكرية​ لا يلغي ضرورة إحالة الملف على المجلس العدلي كونه يتضمن محاولة إغتيال للوزير صالح الغريب، وفي نهاية المطاف لم يذهب الملف إلا الى المحكمة العسكرية حتى لو أن بيان القصر الجمهوري ترك الباب مفتوحاً امام إحتمال إحالة الملف على المجلس العدلي بعد إنتهاء التحقيقات وإذا رأى مجلس الوزراء ضرورة بذلك. تنازل أرسلان أيضاً، كونه وبحسب إتفاق بعبدا يجب أن يسلم جميع المطلوبين من حزبه، وهو الذي كان يقول إنه مستعد لأن يطلب من مطلوبي حزبه بأن يدلوا بإفاداتهم كشهود لا كمطلوبين.

بدوره تنازل وليد جنبلاط لأن لم يكن راضياً على إحالة الملف على المحكمة العسكرية وحصل عكس ما يتمناه، ولأن المصالحة مع أرسلان عقدت في بعبدا وبرعاية رئيس الجمهورية لا في عين التينة برعاية رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ كما كان يريد الزعيم الدرزي، ولأن المصالحة لم يحضرها ممثل عن ​حزب الله​ كما كان يطالب جنبلاط كونه يعتبر أن الحزب هو الأصيل وأرسلان الوكيل. تنازل وليد جنبلاط بعدما ثبتت صورة المصالحة في بعبدا ثنائية درزية في الجبل.

نعم تنازل جنبلاط وأرسلان وكأن شيئاً لم يكن، وعندما تكون النتيجة مأساوية وفيها ضحايا، من المعيب المعيب أن يتحدث أحد عن ربح وخسارة في السياسة.