انتهت ازمة انعقاد الحكومة اللبنانية ولم تنته أزمة "​قبرشمون​" وما رافقها وما تلاها، فالمسار القضائي الذي فُصل "مبدئيا" عن المسار السياسي، قد يلتقيان مجددا، الأمر الذي يجعل متابعة "المصارحة والمصالحة" ضرورية لتلافي التعطيل مجددا.

تؤكد مصادر سياسية مطلعة أن معالجة القضيّة لم تنته، بل هي بحاجة الى متابعة على أكثر من مسار من المفترض أن تنطلق بعد عطلة عيدي الأضحى وانتقال السيدة العذراء، مشيرة الى أن المسار الاول سيكون على مستوى العلاقات الدرزية-الدرزية، والتي سيكون للجميع دورهم فيها، والثاني على مستوى علاقة ​حزب الله​ مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ​وليد جنبلاط​، التي يسعى رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ إلى إعادة ترتيبها.

تشدد المصادر على أن الهدف الأساسي الذي تسعى اليه القوى السياسية المساهمة بحلّ أزمة انعقاد الحكومة، هو ترتيب الأوضاع قبل صدور القرار الظني بحادثة قبرشمون، كي لا يكون سبباً في إعادة الأمور إلى سابق عهدها، خصوصا واننا على مشارف استحقاق اقتصادي مهم جدا ينقسم الى شقين، الاول على علاقة بتصنيف لبنان من قبل وكالة التصنيف العالمية "ستاندرد اند بورز"، علما أن لدى المسؤولين اللبنانيين الكثير من الشكوك حول طبيعة عمل وأهداف هذه المؤسسات، والثاني على علاقة بملف مؤتمر "سيدر" حيث يزور لبنان بداية الشهر المقبل المسؤول الفرنسي عن هذا الملف، بيار دوكان، للاطلاع على التحضيرات التي قام ويقوم بها لبنان من اجل استقبال "أموال" المؤتمر.

وتضيف المصادر: "العامل الأساسي الذي ينبغي التوقف عنده اليوم، هو "النجاح" بحصر الأزمة بالخلاف الدرزي-الدرزي، بعد أن كان التوجه، لا سيما من جنبلاط، إلى توسيعها نحو الخلاف المسيحي-الدرزي، خصوصاً مع "التيار الوطني الحر"، أو نحو المواجهة الإقليمية مع "حزب الله" والنظام السوري"، مشيرة الى أن هذا الواقع، قد يكون عاملاً مساعداً في سياق إعادة ترتيب الأوضاع، لناحية تقديم التنازلات من قبل الفريقين الأساسيين، أي أرسلان وجنبلاط، لكن المطلوب بذل الكثير من الجهود التي قد تساعد في هذا المجال، لا سيما أن الوضع القائم قد يؤدي إلى إعادة الأمور إلى ما كانت عليه عند أي مشكلة أو حادث فردي.

وفي هذا الإطار، يأتي الحديث عن ضرورة المسارعة إلى إتمام المصالحة النهائية قبل صدور القرار الظني، الذي من المفترض أن يرفع إلى مجلس الوزراء، لأخذ القرار بالإحالة إلى ​المجلس العدلي​ من عدمها، كما ورد في البيان الصادر عن اللقاء الخماسي في القصر الجمهوري، وهنا سيكون الدور الاكبر لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي وبحسب المصادر لم ينه مبادرته بعد بل سيستكمل خطواتها بعد الاعياد.

تؤكد المصادر بما لا يدع مجالا للشكّ بأن انعقاد الحكومة لم يعن انتهاء الازمة التي يعاني منها البلد، فالازمة قاسية بين فريقين سياسيين على طاولة مجلس الوزراء، اذ حتى ولو بدا في جلسته الاولى هادئا، الا أن الهدوء لن يبقى سيد الموقف خصوصا بظل وجود ملفات حساسة جدا تنتظر الطرح، وستتسبب بارتفاع نسبة "التوتر" بين الفريقين، الاول ويضم رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ الداعم لموقف جنبلاط تماما ويقف في صفّه، ومعهما حزب القوات اللبنانيّة التي تعتبر أن استهداف رئيس الحزب التقدّمي أمس يعني استهدافها في المستقبل القريب وبنفس الشكل، والثاني يضم الحزب الديمقراطي والتيار الوطني الحر وحزب الله، مما يجعل بري الوحيد القادر على لعب دور "المصلح" وهو الذي لطالما لعب هذا الدور.

رغم مرور فترة الاعياد بهدوء الا أن العارفين بخبايا السياسة اللبنانية يعلمون بأن الأمور لم تحل نهائيا، على أمل أن يكون الهدوء هو ذلك الذي لن يسبق العاصفة.