بعد عودة ​مجلس الوزراء​ إلى الإجتماع، نتيجة اللقاء الخماسي الذي عقد في القصر الجمهوري في بعبدا، في إطار تهدئة المواقف بعد حادثة ​قبرشمون​، تتصدر زيارة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ إلى الولايات المتحدة قائمة الأولويات، رغم طابعها الخاص، نظراً إلى أنها تأتي بعد البيان الصادر عن السفارة الأميركية في بيروت، والذي وصف بأنه الأول من نوعه منذ سنوات.

من حيث المبدأ، لا جدول أعمال مقرر لزيارة رئيس الحكومة إلى واشنطن، لكن على هامشها سيعقد مجموعة من الإجتماعات مع مسؤولين أميركيين، أبرزهم وزير الخارجية ​مايك بومبيو​، الأمر الذي يفتح الباب أمام مجموعة واسعة من التساؤلات.

في هذا السياق، تشدد مصادر متابعة، عبر "النشرة"، على أن "​حزب الله​" سيكون الحاضر الأبرز في هذه الزيارة، خصوصاً خلال الإجتماعات مع المسؤولين الأميركيين، نظراً إلى أن هذا الملف يأتي على رأس قائمة أولويات الولايات المتحدة على الساحة المحلية، في سياق المواجهة التي تخوضها مع الجمهورية الإسلامية في إيران على مستوى المنطقة.

وتشير هذه المصادر إلى أن واشنطن عملياً لا تنظر إلى لبنان إلا من خلال هذه الزاوية، التي تعتبرها أساسية نظراً إلى إرتباطها بالعديد من الملفات الأخرى، أبرزها ذلك المتعلقة بحماية إسرائيل وتأمين مصالحها، وهي سبق لها أن ذهبت إلى تشديد العقوبات والإجراءات التي تقوم بها على هذا الصعيد.

وتؤكد المصادر نفسها أن الحريري يدرك هذا الأمر جيداً، خصوصاً أن بيروت كانت قد استقبلت أكثر من مسؤول أميركي في الفترة السابقة، ما يعني أن أجوبته على الإستفسارات الأميركية ستكون جاهزة، لناحية التشديد على ضرورة تحييد القطاع المصرفي عن العقوبات على الحزب من جهة، والدعوة إلى الإستمرار في دعم المؤسسة العسكرية وباقي الأجهزة الأمنية من جهة ثانية.

إنطلاقاً من ذلك، يمكن القول أن الزيارة لن تأتي بأي جديد يمكن البناء عليه، لا سيما أن الرسائل الأميركية تصل إلى بيروت بأكثر من وسيلة، وبالتالي لا تحتاج إلى زيارة من هذا النوع، إلا أن هناك معادلة ينبغي التوقف عندها مطولاً.

في هذا الإطار، تشدد مصادر نيابية، عبر "النشرة"، على أنه رغم الطابع الخطير الذي حمله بيان السفارة الأميركية حول حادثة قبرشمون، إلا أنه يحمل في طياته تأكيداً على حرص واشنطن على الإستقرار الداخلي، وبالتالي عدم الرغبة في العودة إلى سنوات الإنقسام السياسي الحاد بين قوى الثامن والرابع عشر من آذار، وترى أنه كان من العوامل الأساسية الدافعة إلى عقد اللقاء الخماسي في قصر بعبدا، بعد أن كان كل فريق يذهب إلى التشدد أكثر في مواقفه.

وترى هذه المصادر أن من الناحية العملية هناك توازناً في البلاد لا أحد يريد الإخلال به، لا سيما طهران وواشنطن، على قاعدة الإستمرار في حالة الستاتيكو التي كانت قائمة في السنوات السابقة، معطوفاً على المظلة الدولية التي تشمل الموقفين الروسي والأوروبي، وتضيف: "تحرك أي جانب أساسي في هذه المعادلة ينطلق من الحفاظ عليها لا أكثر ولا أقل".

في المحصلة، تشدد المصادر نفسها على أن كل هذا لا يعني أن الولايات المتحدة لن تذهب إلى التصعيد في الإجراءات التي تقوم بها ضد الحزب، والتي كان اخرها العقوبات على رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​محمد رعد​ وعضو الكتلة نفسها ​أمين شري​، لكنها ترى أنه سيبقى ضمن الإطار الذي يحكم النزاع الأميركي-الإيراني، أي الضغط الذي لا يؤدي إلى الإنفجار الكامل، نظراً إلى التداعيات التي قد تترتب على ذلك.