أكّد مصدر قيادي في "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" لصحيفة "الحياة"، أنّ "رئيس الحزب ​وليد جنبلاط​ كان أبلغ رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ليل الخميس 8 آب، أنّ وزيريه ​أكرم شهيب​ و​وائل أبو فاعور​ سيستقيلان من الحكومة إذا تّمت الدعوة إلى جلسة ل​مجلس الوزراء​، كان رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ اتّفق مع الحريري على الدعوة إليها على أن تبتّ بجدول أعمال عادي، ويكتفي في نهايتها الرئيس عون بالإشارة إلى حادثة ​قبرشمون​ باعتبارها حادثة مؤسفة وقعت، على أن تتمّ معالجتها عبر المسار القضائي وأن التحقيقات في شأنها تستكمل (ويشمل ذلك تسليم رئيس "الحزب الديمقراطي ال​لبنان​ي" النائب ​طلال أرسلان​ المطلوبين لديه)، من ثمّ يرفع الجلسة من دون التطرّق إلى اقتراح ​المجلس العدلي​، ومن دون إفساح المجال أمام أيّ من الوزراء بأن يدلي بدلوه حتّى لا يتوسّع النقاش ويتأزّم مجلس الوزراء".

وعَلِمت "الحياة" أنّ "سبب تحفّظ جنبلاط على هذه الصيغة كما أبلغه إلى الحريري، أنّ لا ضمانات بأن تنتهي الجلسة على هذا الشكل الّذي يؤدّي إلى إبقاء فكرة المجلس العدلي معلّقة، فضلًا عن أنّ وزيري "الإشتراكي" قد يعتبران أنّ عليهما الردّ على كلام قد يقوله الرئيس عون، في حين أنّ الصيغة الّتي كانت مطروحة تؤدّي إلى إنهاء الجلسة من دون أن يتمكنا من الإدلاء برأيهما".

في الإطار عينه، أوضحت مصادر متقاطعة لـ"الحياة"، أنّ "الموقف الجنبلاطي لم يكن وحده الّذي اعترض على هذه الصيغة، بل أن أرسلان رفضها خلال زيارة المدير العام للأمن العام اللواء ​عباس ابراهيم​ له، وامتنع عن تسليم المطلوبين لديه وكرّر مطلبه بأن يطرح اقتراح المجلس العدلي خلالها". ولفتت إلى أنّه "فيما كان يجري التداول بالأمر بين الحريري وأبو فاعور، ليبلغ الأوّل الثاني بأنّه يشكّل الضمانة للمخرج وبأنّه لن تُطرح أي فكرة تتعارض مع موقف جنبلاط، غرّد أرسلان رافضًا هذه الصيغة".

وركّزت على أنّه "حين أطلع الحريري الرئيس عون على الموقف الجنبلاطي المتحفّظ، كان ردّ فعله الامتعاض من رفض أرسلان أيضًا. أمّا جنبلاط فسأل على موقع "تويتر" عمّا إذا كان من سبّبوا الحادثة سيبقون يسرحون ويمرحون خارج المساءلة". وبيّنت أنّ "عندها، استنجد الحريري ببري الّذي كان أطفأ محرّكاته إثر رفض الرئيس عون صيغته للمصالحة، قائلًا إنّه ليس شيخ عشيرة، فأعاد تشغيلها واتّصل بـ"الإشتراكي" مستفسرًا عمّا آلت إليه الأمور، وحاول إقناع جنبلاط بالفكرة، مشيرًا إلى الحاجة القصوى لاجتماع الحكومة بسبب ​الوضع الاقتصادي​ والمخاوف من انعكاس الشلل الحكومي على مصير "سيدر"، ومن خفض تصنيف لبنان الائتماني. إلّا أنّ جنبلاط أقفل خطوط هاتفه بعدما حاول الحريري الاتصال به، وانتقل إلى ​المختارة​".

وأوضحت المصادر أنّ "بعد اتصالات عدّة، تبلّغ كلّ من بري والحريري من "الإشتراكي" بنيّة وزيريه الاستقالة في حال الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء يعتبرها جنبلاط ملتبّسة وغير مضمونة النتائج، خلافًا للأفكار السابقة الّتي كانت تطرح، من نوع مبادرة بري الأصليّة، أي المصالحة، انعقاد مجلس الوزراء، من ثمّ إسقاطات الحق الشخصي من قبل ذوي الضحايا كما حصل في حادثة الشويفات، هذا فضلًا عن الاقتراح الجنبلاطي السابق بأن يجري ضمّ ملف حادثة الشويفات إلى حادثة قبرشمون البساتين، في حال استقر الرأي على إحالة القضية على المجلس العدلي. وهذا الاقتراح رفضه عون بشدّة حين نقله إليه الحريري آخر شهر تموز الماضي".

كما أفادت بأنّ "بري استمهل جنبلاط بعض الوقت بعدما لوّح الأخير بنيّة استقالة وزيريه، ليعود بعدها إلى اقتراحه إجراء المصالحة في القصر الرئاسي برعاية الرئيس عون، مستعينًا بـ"حزب الله" من أجل أن يلعب دورًا في تشجيع رئيس الجمهورية، الّذي سرعان ما اقتنع بأنّها المخرج الأنسب، وعلى أرسلان الّذي اشترط أن يعقد وزير شؤون النازحين ​صالح الغريب​ مؤتمرًا صحافيًّا في اليوم التالي قبل اجتماع المصالحة، يردّ فيه على المؤتمر الصحافي الّذي عقده "الإشتراكي" قبل ثلاثة أيام".

وكشفت أنّ "الرئيس عون وبري نصحاه بالإقلاع عن الفكرة والتوجّه نحو المصالحة من دون سجالات إضافيّة. وكان موقف كلّ منهما صارمًا برفض فكرة المؤتمر الصحافي"، منوّهةً إلى أنّه "حين تبلّغ جنبلاط بالعودة إلى اقتراح بري الأصلي بالمصالحة، من ثمّ انعقاد مجلس الوزراء، وبعدها إسقاطات الحق الشخصي في القضية، أبدى ليونة وتجاوبًا مع رئيس البرلمان الّذي أكد له أنّه اتّفق مع عون على أن يتّخذا سويًّا موقفًا ممّن يعرقل المصالحة. لكن أرسلان لم يبلغ موافقته للواء ابراهيم إلّا صباح الجمعة 9 آب قبل ساعات قليلة من اجتماع المصالحة".