بين رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس التيار الوطني الحر الوزير ​جبران باسيل​ و​حزب الله​ ورئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ من جهة، ومن جهة أخرى الأميركيين والسعوديين ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب ​وليد جنبلاط​، يتخبط رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ بين الحين والآخر في إتخاذ قراراته، وهو أمر قد يكون طبيعياً على إعتبار أنه يُضطر الى التعامل بجدية مع القرارات والعقوبات الأميركية التي تفرض على حزب الله، ومن ناحية أخرى يحاول قدر الإمكان المحافظة على التضامن الحكومي كي لا يتعطل مجلس الوزراء الذي يتّكل عليه كثيراً لتعويض ما خسره شعبياً في الشارع السني. هذا في القضايا والعناوين الكبرى، أما ما هو غير مفهوم وغير مقبول من قبل حلفاء الحريري وكذلك خصومه، فهو التخبط الذي يعيشه رئيس الحكومة و​تيار المستقبل​ في التعاطي مع المطمر الذي إقترحت وزارة البيئة إقامته في تربل لحلّ أزمة النفايات التي تكدّست في أقضية زغرتا والكورة وبشري والمنية–الضنية منذ إقفال مكبّ عدوة. وفي هذا السياق، تسأل مصادر متابعة للملف "كيف يمكن لرئيس الحكومة أن يلعب دور العرّاب لمطمر تربل وبناء على هذا الدور أعلن الإتفاق على إنشائه من مكتب محافظ ​الشمال​ ​رمزي نهرا​ وبحضور وزير البئية ​فادي جريصاتي​ ورؤساء البلديات والإتحادات المعنية، ثم يعود ليطلب بعد أيام قليلة من الوزير المذكور وقف الأعمال والتريث لأربع وعشرين ساعة فقط لأن صاحب منتجع سياحي من المنطقة يدّعي تضرّره من المطمر، طلب منه وقف المشروع كي يقدّم له موقعاً بديلاً وفي نهاية المطاف يتبين أن الموقع المقترح من قبل صاحب المنتجع لا يبعد أكثر من ٩٠٠ متر فقط عن موقع المطمر"؟.

لم يكن سياسيو زغرتا والكورة وبشري والمنية–الضنية قد صدقوا بعد أن الحريري عاد عن قرار التريث وطلب من وزيرة الداخلية والبلديات ​ريا الحسن​ تأمين المؤازرة الأمنية المطلوبة لتنفيذ قرار نقل النفايات المتكدسة في الشوارع الى موقع المطمر في تربل، حتى خرج الأمين العام لتيار المستقبل ​أحمد الحريري​ بتصريح من العيار الثقيل هاجم فيه مطمر تربل وأعلن فيه رفض إقامته. وهنا تعود المصادر المتابعة لتسأل من جديد، هل" يلعب الحريري مع إبن عمّته لعبة توزيع الأدوار؟ وهل يمكن اللعب بملفّ خطير كالنفايات وبصحة الناس؟ وإذا كانَ رئيس الحكومة غير موافق على تصريح أحمد الحريري، فلماذا لم يصدر بيان عن مكتبه الإعلامي يؤكد فيه تمسكه بقرار فتح المطمر"؟.

أخطر ما سمعه سياسيو وأهالي الأقضية الأربعة ليس كلام أحمد الحريري ضد المطمر. بل ما ورد اليهم بالتواتر هي المعلومات التي تفيد بأن رئيس الحكومة قرّر التخلي عن تغطيته السياسية لإقامة المطمر بسبب الإعتراضات الشعبيّة التي شهدها الشمال من قبل مناصري بعض السياسيين وآخرين، ومن قبل من تقاضى الأموال من أصحاب المكبّات مقابل التظاهر ضد مطمر تربل.

لكل ما تقدم، في قلوب أهالي الأقضية الأربعة غصّة وصرخة. غصّة من القُمامة التي أقفلت مداخل منازلهم منذ أوائل نيسان الفائت، وصرخة يريدون توجيهها الى الحريري. صرخة مفادها أن صحة ٣٠٠ ألف نسمة ليست لعبة بيد أحد، وعندما يتّفق تيار المرده والقوات والتيار الوطني الحر وحركة الإستقلال والنائب جهاد الصمد على مطمر لحل أزمة، لا يجوز أبداً أن يتعامل مسؤول بصفة رئيس حكومة مع ملف كهذا بتخبطٍ!.