لفت المفتي الجعفري الممتاز ​الشيخ أحمد قبلان​ خلال خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في ​برج البراجنة​، إلى أنه "في مثل هذه الأيام استطاع ​لبنان​ أن يسجل انتصاراً تاريخياً على العدو الصهيوني، ويلحق هزيمة مدوية بجيش تأسس على ​الإرهاب​ واغتصاب الحقوق، ونشأ على المجازر والعدوان والقتل والتدمير. نعم، في مثل هذه الأيام خرجت ​المقاومة​ لتقول للعالم، القريب والبعيد، العربي والغربي، أن لبنان قوته بمقاومته، لن يقهر ولن يرضخ، ولن يتنازل عن حقه في الدفاع عن كرامته وعن أرضه وعن وحدته، وسيبقى بجيشه وشعبه ومقاومته مخرزاً في عيون الصهاينة، وعيون كل المتآمرين والمتخاذلين والمراهنين على انكسار هذه الإرادة الوطنية، التي بفضلها وثباتها سيبقى هذا اللبنان منتصراً، ومؤكّداً حضوره ووقوفه دائماً إلى جانب الحق والمنطق الإنساني، مهما بلغت التهديدات والتهويلات، ومهما فُرض من ​عقوبات​، فلبنان الوحدة والتنوّع والصيغة والكيان والتعددية والعيش المشترك باقٍ ومستمر، على الرغم من كل الهزات والاهتزازات، بل سيعود واحة هذا الشرق، وملتقى الحضارات والثقافات، ومنبراً لا يعلوه منبر في الدفاع عن الحق، ومناصرة كل مظلوم، ومقارعة كل باطل".

وأكد ان "المقاومة ستبقى ضمانة راسخة وثابتة لأمن المنطقة ولأمن لبنان القومي، ونموذجاً حاضراً للذود عنه، والحفاظ على ثرواته المائية والبرية والجوية، وحقوقه في سائر ​الميادين​"، لافتاً إلى أنه "بعد انقضاء فترة الأعياد، أعادها الله على اللبنانيين جميعاً بالخير والبركة، والمصالحة تمّت في ​قصر بعبدا​، وما نجم عنها من تهدئة سياسية نأمل أن تستمر، وأن تتطور، وألا تكون كمثل الهدوء الذي يُنذر بعودة العاصفة، فلبنان كفاه عواصف، وكفاه مكايدات وانقسامات، كفاه تعطيلاً وشللاً في المؤسسات، فالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمالية خطيرة، وبلغت مبلغاً يهدّد الجميع، وهي لا تحتمل انتظاراً أو تسويفاً، تحت أي ظرف أو عنوان، ولم يعد جائزاً من أي فريق أن يزايد أو يعرقل أو يؤخّر العمل الحكومي الذي ينبغي أن يكون في حالة طوارئ وانعقاد دائم، لأن المشكلات أصبحت تراكمية للغاية، وهذا يعني أن الكلفة ستكون أيضاً كبيرة وتراكمية، إذا ما استمرت المساجلات والمناكفات المصلحية والغائية الخاصة على هذا النحو".

وناشد السياسيين بـ"وضع حد للممارسات السياسية الشاذّة، ولكل التوجهات التي تثير النعرات والعصبيات، فهي تتعارض مع المصلحة الوطنية العليا، وبلا شك أنها لا تخدم الشأن العام، واللعب بمصير البلد مرفوض رفضاً قاطعاً؛ فالتجارب علمتنا أن الصراع الداخلي غير الوطني لا يمكن أن يؤمّن استقراراً اقتصادياً أو اجتماعياً أو أمنياً"، داعياً إلى "التوجه الصادق والمجرّد للعمل على توفير كل مستلزمات قيام ​الدولة​ بدورها، وتحمّل مسؤولياتها، طبقاً للدستور، ووفقاً للقوانين، لأن غياب الدولة أو تغييبها أو مصادرتها لصالح هذا الفريق أو ذاك، يعني فوضى أكثر، يعني بطالة أكبر، يعني ​نفايات​ في الشارع وفي كل مكان، يعني انهياراً عاماً وشاملاً، وهذا ما نحذّر منه وننبه إليه، لأن التحدي صعب، فإما أن نلتقي ونتصالح مع أنفسنا ومع وطننا وبلدنا وشعبنا، ونكون على قدر هذا التحدي، وإلا فالعواقب ستكون وخيمة على الجميع".