أخيراً شعرت ​الحكومة​ بخطر ما يمكن أن تحدثه بيئياً وسياسياً وصحياً، ​أزمة النفايات​ التي أطلت برأسها من الشمال منذ خمسة أشهر ومن المتوقع أن تمتد الى بيروت والمتن الشمالي وكسروان مع بداية أيلول المقبل أي بعد وصول مطمر الجديدة الى سعته القصوى.

وهي قررت أن يتصدر ملف النفايات كل الملفات الأخرى تفادياً للوقوع في المحظور ولعدم تكرار مشهد العام ٢٠١٥ يوم جمع "كيس الزبالة" عدداً كبيراً من اللبنانيين في ساحتي الشهداء ورياض الصلح إعتراضاً على آداء الحكومة في تعاطيها مع ملف كهذا.

أخيراً قررت الحكومة إستملاك عقار في الشمال خلال جلسة اليوم التي سيرأسها رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ في بيت الدين بهدف تحويله الى مطمر صحي لنفايات زغرتا والضنية والكورة وبشري. وفيما تتكتم ​وزارة البيئة​ عن موقع المطمر إفساحاً في المجال أمام مفاوضات الساعات الأخيرة مع أصحابه وكي لا تتشكل ضده حركة إعتراضية، علمت "النشرة" من مصادر متابعة أن العقار المذكور يقع في قضاء زغرتا وتحديداً في منطقة بعيدة جداً عن المنازل السكنية ومطلة على منطقة الضنية، وهذا ما يسقط الإعتراض السني الذي ظهر الأسبوع الفائت على إستقبال تربل في قضاء المنية نفايات المناطق الزغرتاوية. وبحسب المعلومات أيضاً فإن طبيعة العقار المنوي إستملاكه مشوّهة كونه تحوّل خلال السنوات الماضية الى مقلع وكسّاره، أحد أبرز مالكيه النائب السابق عن قضاء زغرتا سليم كرم، وكونه محسوب على تيار المرده، تفيد المعلومات بأن وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، هو الذي تعهد لرئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ولوزير البيئة ​فادي جريصاتي​ بتأمين الموافقة الشعبية والسياسية لفكرة المطمر تحت شعار إنقاذ الوضع البيئي والصحي في زغرتا ومحيطها.

هذا بالنسبة الى أزمة الشمال، أما بالنسبة الى مطمر الجديدة، فالخيارات ليست كثيرة يقول المطلعون ويؤكدون أن الحكومة ستتجه في جلسة الثلثاء المقبل الى إتخاذ قرار برفع مستوى الطمر في الخلايا الصحية القائمة، لمتر واحد أو حتى لمتر ونصف المتر، وذلك بهدف إطالة عمر المطمر لمدة ثلاثة أشهر إضافية إفساحاً في المجال أمام تأمين البديل، والمقصود به هنا، هو ردم منطقة مرفأ الصيادين الموبوءة كلياً ونقله الى مكان آخر، وهذا البديل إذا تأمن القرار السياسي له، يمكنه أن يستوعب طمر النفايات لأربع سنوات إضافية، وهذا ما يعطي الحكومة وقتاً كافياً للوصول الى الحل المستدام القائم على معامل التفكك الحراراي.

أمام هذا المشهد، الأنظار كل الأنظار تتجه الى جلستي الخميس والثلثاء المقبلين، والى ما يمكن أن تتخذه الحكومة من قرارات خصوصاً لناحية إقرار خارطة الطريق التي أعدها وزير البيئة فادي جريصاتي ل​معالجة النفايات​ الصلبة. خطة قدمت الى مجلس الوزراء في الثالث من حزيران الماضي ولا تزال حتى اليوم من دون مناقشة وإقرار، وكأن ليس في الشمال أزمة ولا في بيروت وكسروان والمتن أزمة أيضاً على الأبواب، أو كأن الحكومة لم تشعر بعد بأن مهلة الشهر التي أعطاها إياها إتحاد بلديات الضاحية وبلدية الشويفات لتأمين بديل عن ​مطمر الكوستابرافا​ قد شارفت على نهايتها، والوصول الى النهاية من دون حل تعني إقفال الكوستابرافا من جديد أمام قُمامة بعبدا وبيروت والشوف وعاليه.