على ضوء حملات ​محاربة الفساد​، قرر "​حزب الله​" الذهاب بعيداً في إقتراح تشكيل لجان تحقيق برلمانيّة، وبالأخص في ​قطاع الإتصالات​، الأمر الذي عبّر عنه بشكل واضح رئيس ​لجنة الإعلام والإتصالات​ النائب ​حسين الحاج حسن​ بعد لقائه رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​، بعد أن كان قد تحدث عنه النائب حسن فضل الله.

في هذا السياق، لا يمكن الحديث عن تجارب مشجّعة لهذا النوع من اللجان في ​لبنان​، نظراً إلى أن المجلس في الأصل لم يمارس أيّ دور رقابي مميز على مدى السنوات السابقة، بسبب تركيبة النظام الحالي، لا سيما على مستوى تشكيل الحكومات التي تأتي صورة مصغرة عن المجلس نفسه، الأمر الذي يعيد البحث، بطريقة أو بأخرى، إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، الذي تمنع تركيبته القيام بأيّ دور فعلي يمكن البناء عليه في إطار الحرب على الفساد، نظراً إلى تمثيل أغلب الكتل النيابية في هذا المجلس.

وهذه النتيجة يجمع عليها المتابعون والخبراء الدستوريون، بغض النظر عن موقفهم السياسي، حيث يشير النائب ألبير منصور، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن لجان التحقيق النيابية تتطلّب وجود أشخاص لم يشاركوا في الحكم منذ العام 1992 حتى اليوم، ويؤكد أن هؤلاء عملياً غير موجودين، وبالتالي يستبعد أن ينجح المجلس النيابي في تشكيل لجنان من قوى غير متورطة بالفساد، لكنه يرى أن الطرح قد يكون بمثابة ورقة ضغط مهمة.

الأمر نفسه يؤكده الخبير الدستوري النائب السابق صلاح حنين في حديث لـ"النشرة"، حيث يلفت إلى أنّ لجان التحقيق البرلمانيّة تكون فاعلة عندما يكون هناك معارضة فعّالة، لكن في الحالة اللبنانيّة فإنّ أغلب الكتل النيابية ممثلة في الحكومة، وبالتالي لا يمكن أن يكون لهذا النوع من اللجان أي فعالية أو تأثير.

من وجهة نظر منصور، هناك مشكلة أخرى تكمن بأن أحداً لا يقترب من الملفّات التي من المفترض أن تفتح، ويلفت إلى أن غالبيّة الكتل النيابيّة، في الوقت الراهن، متورطة بملفات فساد، في حين أن تأليف أيّ لجنة من المفترض أن يتضمّن تمثيلاً لهذه الكتل، ما يعني أنها ستتعطل بطريقة أو بأخرى.

أما حنين، فيوضح أنه في العديد من الدول الأخرى، لا سيما فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، تلعب هذه اللجان دوراً بارزاً في الحياة السياسيّة، ويشدد على أن رقابة المجلس النيابي في لبنان معطّلة بسبب التركيبة القائمة على مستوى تأليف الحكومات، ويضيف: "لا أذكر أيّ لجنة تحقيق كان لها تأثير يذكر".

في هذا الإطار، من الضروري الإشارة إلى أن النظام الداخلي لمجلس النواب، في هيئته العامة، أن يقرر إجراء تحقيق برلماني في موضوع معين بناء على اقتراح مقدم إليه للمناقشة أو في معرض سؤال أو استجواب في موضوع معين أو مشروع يطرح عليه. وتجري لجنة التحقيق تحقيقها وترفع تقريراً بنتيجة أعمالها إلى رئيس المجلس، الذي يطرحه على المجلس للبت في الموضوع، ولهذه اللجنة أن تطّلع على جميع الأوراق في مختلف دوائر الدولة، وأن تطلب تبليغها نسخاً عنها وأن تستمع الإفادات وتطلب جميع الإيضاحات التي ترى أنها تفيد التحقيق(1).

في المحصلة، ​لجان التحقيق البرلمانية​ هي عنوان جديد لحملات محاربة الفساد يطرح على الساحة اللبنانيّة، لكن التجارب السابقة لم تكن مشجّعة لتعليق أيّ أمال بالوصول إلى أيّ نتيجة ينتظرها المواطنون.

(1) بحسب النظام الداخلي، يحق للجان أن تعين لجنة فرعية من أعضائها لاستقصاء الحقائق في قضية معينة. وفي حال امتناع الإدارة المختصة عن توفير المعلومات المطلوبة إلى اللجنة الفرعية ترفع هذه الأخيرة تقريراً بالأمر إلى اللجنة التي انتدبتها، التي تقوم بدورها بطلب تعيين لجنة تحقيق برلمانية من الهيئة العامة.