على هامش الإعتداء الإسرائيلي على ​الضاحية الجنوبية​، هناك أمر لافت ينبغي التوقف عنده، يتعلق بالمواقف الدولية والإقليمية شبه الغائبة عن هذا الحدث، باستثناء إتصال وزير ​الخارجية الأميركية​ ​مايك بومبيو​ برئيس الحكومة ​سعد الحريري​، وإتصال الأخير بوزير الخارجية الروسيّة ​سيرغي لافروف​، بالإضافة إلى إتصال أمين ​جامعة الدول العربية​ ​أحمد أبو الغيط​.

على المستوى الداخلي، بعيداً عن بعض الأصوات التي خرجت عن دائرة الإجماع الوطني، الموقف اللبناني واضح لناحية توصيف الحادثة والتأكيد على حق الردّ، وهو ما عبر عنه صراحة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، خلال إستقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في بيت الدين.

في هذا السياق، قد يكون من المفيد التذكير بأن "حزب الله" لم يكن يراهن يوماً على أي موقف عربي أو دولي، بدليل عبارة أمينه العام ​السيد حسن نصرالله​، خلال عدوان تموز 2006، الشهيرة: "ليحلّوا عنا"، لكن في المقابل الواقع الراهن يطرح حوله الكثير من علامات الإستفهام، التي قد تكون الإجابة عنها متعلقة بإنتظار الردّ الذي سيقوم به الحزب على الإعتداءين الإسرائيليين، في الضاحية الجنوبية وفي عقربا السوريّة، لكن ما هو الموقف فيما لو ان الحزب هو المبادر إلى الفعل؟!.

ترى مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن المستغرب هو غياب أي موقف أوروبي واضح ممّا حصل، نظراً إلى أن الإتحاد من المفترض أن يكون معنيا بأيّ تطور في المنطقة، لا سيما فرنسا التي لا تتأخر عادة في التحرك عند أي تصعيد على الساحة اللبنانية، لكنها تعتبر أن المدان هو غياب أيّ موقف عربي، خصوصاً أن الإعتداءات الإسرائيليّة شملت 3 دول عربيّة، العراق، سوريا ولبنان، بالإضافة إلى فلسطين.

وتلفت هذه المصادر إلى أنّ الإتصال الهاتفي، الذي أجراه أمين عام الجامعة العربية برئيس الحكومة، بدا ملتبسا إلى حد بعيد، لا سيما لناحية الإشارة إلى أن الجامعة تأمل أن تلتزم كافّة القوى المعنيّة بعدم التصعيد وضبط النفس، واستعدادها للقيام بالدور المنوط بها في صيانة الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في لبنان، ما يوحي أنّها في موقع المحايد الذي يتعامل مع دولتين ضمن الجامعة نفسها، لا مع عدوّ يعتدي على دولة من الأعضاء المؤسّسين لها.

بالإضافة إلى ذلك، تسأل المصادر نفسها عمّا إذا كان موقف أبو الغيط محل إجماع عربي، لا سيّما بعد تصريح وزير الخارجية البحرينيّة خالد بن أحمد، الذي اعتبر أن ما تقوم به تل أبيب يوضع في خانة "الدفاع عن النفس"، وترى أنّ هذا الواقع يؤشّر إلى تطوّر خطير على المستوى السّياسي، لا ينفصل عن التحوّلات القائمة في الميدان العسكري، خصوصاً أنه يأتي في مرحلة حرجة جداً على مستوى منطقة الشرق الأوسط، كانت المنامة أول المشاركين فيها من خلال إستضافتها المؤتمر الإقتصادي المتعلق بـ"صفقة القرن".

ما تقدم، يدفع المصادر السّياسية المطّلعة إلى السؤال عن مصطلح "الإجماع العربي"، الذي تحرص بعض القوى المحليّة بالدفاع عنه، عند طرح أي قضية، وتشدد على ضرورة عدم الخروج عنه مهما كانت التداعيات، وتضيف: "ما يحصل لا يمكن تجاهله، لأنّه مؤشر خطير جداً عما يمكن أن يكون عليه الموقف، في حال قررت تل أبيب الذهاب بعيداً في إعتداءاتها، لا سيّما مع وجود من يذهب إلى تقديم التبريرات لها".

في المحصّلة، تشدّد المصادر نفسها على أنّ هذا الواقع يجب أن يؤخذ في الحسبان من جانب الدولة اللبنانيّة، وترى أن موقف رئيس الحكومة على هذا الصعيد يُبنى عليه.