شدد رئيس اساقفة ​الفرزل​ وزحلة و​البقاع​ للروم الملكيين الكاثوليك ​المطران عصام يوحنا درويش​ خلال لقاء بعنوان " التعايش من اجل حياة افضل " دعت اليه المنسقية العامة لشبكة أمان للسلم الأهلي على "ضرورة التعايش من اجل حياة افضل"، مشيراً إلى "إنني أود أن أشيرَ في بداية مداخلتي الى وثيقة تاريخية أصدرها ​البابا​ يوحنا بولس الثاني وعنونها بنور الشرق، ففي القسم الثاني من هذا الإرشاد الرسولي يتحدّث البابا عن المسافة العظيمة التي اجتازها الإنسان في التعارف المتبادل وهذا التعارف يسمح لنا أن نلتقي اليوم ونتحاور من أجل حياة أفضل، ونضرع معًا الى الرب الأوحد وأن نصلي معًا ونصلي بعضُنا لأجل بعضِنا ونسلك سبيل ​المحبة​".

ولفت إلى "إنني أذكر أيضا وثيقة أخرى صدرت عن ​الفاتيكان​ بعنوان Nostra Aetate "في عصرنا" وهي بمثابة شرعة الحوار المسيحي الإسلامي وجاء فيها: "لا نستطيع ان ندعو الله أبا الجميع، اذا رفضنا ان نسلك اخويًّا تجاه الناس المخلوقين على صورة الله. فعلاقة ​الانسان​ بالله الآب وعلاقته بأخوته البشر مرتبطتان الى حدٍّ أنّ الكتابَ يقول: “ان من لا يحب لا يعرف الله” إذن لا يمكننا أن نحبَّ الله ما لم نحبَّ الآخر كما لا يمكننا أن نحبَّ الآخر ما لم نحبَّ الله، تبعًا لذلك لا يمكننا أن نحبَّ الله ولا القريب إذا لم نعرفْهُما أي إذا لم ندخلْ معهما بعلاقة مودة، فمعرفة الآخر هي أساس وهدف كلِّ حوار ويبدو لي أن الخوف من الآخر هو العائق الأكبر للحوار، فكيف لنا أن نحوّلَ هذا الخوف الى ثقة؟ والتباعدَ الى صداقة وتضامن؟ والمواجهةَ الى التضامن؟".

واضاف "الهدف الحقيقي للديانة هو السلام، تدرّب الإنسانَ وتنشئه على ​الحياة​ بسلام مع أخوته البشر، ولا أظن أن مسؤولا دينيًّا، مسيحيًّا كان أم مسلمًا، يدعو الى الكراهية و​العنف​ والقتال، فالذي يصلّي ويدعو الناس الى ​الصلاة​، هو إنسان ينعم بسلام عميق في قلبه، وعليه أن يوقظ في قلوب الناس، حبَّ الآخر واحترامَه وقبولَهوالتضامنَ معه ويدرّبَه على الحلول السلميّة لأي نزاع عنفي"، مشيرا إلى أن "الأديان تساهم في الحلول ولم تكن أبدًا هي المشكلة، كما تقول وثيقة Nostra Aetate "البشر ينتظرون من مختلف ​الديانات​ جوابًا على الألغاز الخفية، الغازِ الوضعِ الإنساني، التي تهزُّ قلوبَ الناس في الصميم، في الأمس كما في اليوم: ما الإنسان؛ ما معنى حياتِنا وغايتِها؛ ما الخيرُ وما الخطيئة؛ ما مصدرُ الآلام وما غايتُها وما السبيلُ للحصول على السعادة الحقيقية؛ ما الموتُ، وما القضاءُ والجزاءُ بعدَ الموت، ما هو أخيرًا ذلك السرُّ النهائي الذي لا يوصف والذي يلفُّ وجودنَا وعنه صدرنا وإليه نتّجه".

من جهته، أفاد ​السيد علي فضل الله​ بأنه "ليسَ أمراً جديداً أنْ نلتقيَ في مطرانيةِ زحلة، فقدْ التقينا سابقاً وسنلتقي لاحقاً مع سيادتِه، ومعَه كلُ هذهِ الرعيةِ، لنتعاونَ ونعملَ معاً من أجلِ تعميقِ اللقاءِ بينَ الدياناتِ والثقافاتِ، ولإزالةِ الشوائبِ التي يسعى البعضُ لإلصاقِها بالأديانِ، لتشويهِ صورتِها، أو لزرعِ الفرقةِ بينَ أتباعِها، أو للعبثِ بصيغةِ التعايشِ في هذا البلدِ العزيزِ ​لبنان​ وهذا البلدُ سيبقى، كما نريدُه، أنموذجاً لقدرةِ الأديانِ على التلاقي والتعاونِ في وجهِ كلِ الذينَ يقولونَ أنْ لا قدرةَ للأديانِ على ذلكَ، لكنْ ما يميزُ هذا اللقاءَ ويعززُه هو هذا الحضورُ الكريمُ من القادمينَ منْ بلادِ الاغترابِ، الذينَ اضطرَتهم الظروفُ إلى أنْ يغادروا وطنَهم ويعيشوا حيثُ هم، ولكنَّهم لم ينسوا هذا الوطنَ، ظلّوا متعلقينَ بأرضِه وترابِه، ومحافظينَ على قيمِه، وكانوا رسلَ سلامٍ ومحبةٍ إلى ​العالم​".