لا أحد يعرف ماذا كان يريد الإسرائيليون ان يستهدفوا في ​الضاحية الجنوبية​ ل​بيروت​. كلها مجرد تحليلات وتوقّعات. فلا الحزب وصل الى تحديد الهدف النهائي للعدوان، ولا إسرائيل اعلنت صراحة عن نوعية الهدف الذي وجهّت طائرتيها لإستهدافه. إذا كانت ​تل أبيب​ دأبت في الآونة الأخيرة على ضرب كل بنية صلبة تتكوّن ضدها، فهي ركّزت اهدافها ضد ثلاثة أنواع من الأهداف في صفوف "​حزب الله​": المسؤولون عن الملف الفلسطيني الميداني، العقول العلمية العاملة على إبتكار سبل مواجهة إسرائيل، وخصوصاً المتخصّصون في مجال الطائرات المسيّرة، و​السلاح​ النوعي القادر على ضرب أهداف إسرائيلية بدقة وفعالية. ومن هنا جاء إستهداف الإسرائيليين لمخازن السلاح التابعة للحشد الشعبي ب​العراق​، التي ادّعت ​تل ابيب​ انها مخصصة "لأذرع ​إيران​" ضدها.

ولذلك ايضا جاء إستهداف الإسرائيليين لمواقع في ​سوريا​ او أشخاص لهم علاقة بالأهداف الثلاثة المحددة اعلاه، وكان آخرهم الشابان المتخصّصان في الطيران. لا تريد ​اسرائيل​ ان تزداد قدرات "محور ​المقاومة​" عسكريا وتكنولوجيا، لأنها ستكون هدفا لتلك القدرات، كما هو حاصل في غزه. لكن الإسرائيليين عاجزون عن إجهاض كل التحضير والتجهيز القائم للمواجهة في حال ارادت احتلال أي جزء جديد من ​لبنان​ او سوريا. فماذا اراد الإسرائيليون ان يضربوا في شارع معوض في ضاحية بيروت الجنوبية؟ هناك يوجد مكتب الوحدة الإعلامية للحزب. وهو مكتب معروف وغير سري. فهل كانوا يلاحقون عقلاً مقاوماً تنطبق عليه المواصفات المحددة وفق أهدافهم؟ ربما. بالنسبة الى "حزب الله"، لا يوجد اي شرح او تفسير، لأن الحزب بات يعرف نصف الحقيقة وهي متعلقة بطبيعة ونوعية الطائرتين وكيفية سقوطهما، بينما يعرف الإسرائيليون النصف اي المتعلق بطبيعة الهدف.

فلا الحزب يريد ان يتحدث عمّا يعرفه، ولا تل ابيب تريد ان تفصح عن هدفها الأساسي الذي فشلت في الوصول اليه. انها لعبة الحرب القائمة. بينما الرأي العام يسأل: هل سيكون رد ناري على عدوان إسرائيل؟ ومتى؟. بالطبع سيكون الرد بحسب تصريحات وإيحاءات قيادات الحزب، ولا يمكن تجاوز خرق إسرائيل للخطوط الحمراء لجهة قتل عنصري "حزب الله" في عقربا ب​ريف دمشق​، أو لناحية محاولة الإسرائيليين ضرب هدف ما في شارع معوض في ضاحية بيروت.

اما ساعة الصفر عند الحزب، فلا احد يعلم بها غيره، لكن المعلومات تتحدث عن ان بنك الاهداف في الجانب الإسرائيلي محدّد بالنسبة الى الجسم العسكري في "حزب الله"، لكن التنفيذ يتطلّب أن تحين لحظة نجاح الإستهداف، مما يعني ان ساعة الصفر يحدّدها المقاوم في الميدان، وقد تكون في أي وقت. لذلك، تراجع ​الجيش الإسرائيلي​ بحدود ٧ كيلومتر عن الحدود مع لبنان خشية من إستهداف عسكرييه. لأن "حزب الله" يريد الإنتقام لقتل عنصريه في سوريا، مما يُرجَّح ان يكون الهدف جنديين إسرائيليين.

واذا كانت المعلومات تحدثت عن ان قيادة الحزب التي حسمت أمر الرد على ​العدوان الإسرائيلي​، لا تسعى ولا تريد إشعال حرب لا جزئية ولا مفتوحة. فهل تريد تل ابيب الحرب؟ القضية لا تتعلق فقط بحسابات رئيس ​الحكومة الإسرائيلية​ ​بنيامين نتانياهو​ في الإنتخابات المقبلة بعد ثلاثة اسابيع، بل بخطة إسرائيلية استراتيجية تقوم على قاعدة العناصر الثلاثة التي سبق وذكرناها. بينما يزداد قلق الإسرائيليين من رد لحزب الله يزيد عما يتوقعونه.

فهم باتوا على يقين ان الرد قائم، وسيتقبّلون ذلك مضطرين، لأن وزير الخارجية الاميركي ​مايك بومبيو​ نقل الى رئيس ​الحكومة اللبنانية​ ​سعد الحريري​ في آخر اتصال بينهما ان "لا حرب، والمطلوب التهدئة". مما يعني ان الأجندة الأميركية لا تحوي سيناريو حرب.