في مشهد من المنطقي أن تثار حوله العديد من علامات الإستفهام، كان من اللافت حضور 4 وزراء في العاصمة السوريّة دمشق، في حين كان السفير السوري في ​لبنان​ ​علي عبد الكريم علي​ يغيب عن إجتماع رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ مع السفراء العرب في لبنان، والذي كان مخصصاً للتداول في الإعتداء الإسرائيلي الأخير على الضاحية الجنوبية.

غياب السفير السوري عن هذا الإجتماع، لا ينفصل عن موقف رئيس الحكومة من ملفّ العلاقات بين الدولتين، لا سيما أن الحريري يتجنب، في جميع المناسبات الرسمية، الإجتماع مع علي، حتى ولو كان ذلك عبارة عن لقاء برتوكولي، كما يحصل في التهنئة السنوية بعيد الإستقلال في 22 تشرين الثاني من كل عام.

في هذا السياق، تثني مصادر سياسية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، على زيارة الوزراء الأربعة: الماليّة ​علي حسن خليل​، الزراعة ​حسن اللقيس​، التجارة الخارجية ​حسن مراد​، الدولة لشؤون مجلس النواب ​محمود قماطي​، لا سيما أنها تأتي في إطار المشاركة في معرض دمشق الدولي، وتشير إلى أن هذا الموقف يعتبر طبيعياً، لا سيما أن العلاقة بين البلدين لا تزال قائمة على مختلف المستويات، بغض النظر عن موقف بعض الأفرقاء السياسيين.

وتلفت هذه المصادر إلى أن هذا النوع من الزيارات كان يثير حوله الكثير من الأخذ والرد في السابق، لكن اليوم بات عاديًّا لا سيما أن العديد من الوزراء يتولّون التنسيق مع نظرائهم السوريين، لكنها تشدد على أن هذا لا يلغي أن هناك ضرورة لرفع مستوى التنسيق، خصوصاً مع وجود ملفات تحتاج إلى ذلك، لا سيما ملف النازحين السوريين الضاغط على مختلف المستويات، في الوقت الذي تتعرقل فيه جميع المبادرات التي كانت تعلق الآمال عليها.

من وجهة نظر المصادر نفسها، هذه الخطوة المنتظرة لا تحتاج إلا إلى موقف واضح من رئيس الحكومة، يقرّ فيه بأن هناك مصلحة لبنانية تفترض التواصل مع الحكومة السوريّة بشكل أفضل، خصوصاً أن دمشق تضع هذا الموضوع في الملعب اللبناني، وترى أن الخطوة الأولى من المفترض أن تنطلق من بيروت، وتضيف: "لا أحد حتى الساعة يستطيع أن يفسر السعي اللبناني إلى الإستفادة من مشاريع إعادة الأعمار في سوريا، في حين يغيب التواصل مع حكومتها".

على صعيد متصل، ترى مصادر سياسية أخرى، عبر "النشرة"، أن هذا الملف، على ما يبدو، يراد له أن يدار بالطريقة القائمة حالياً، في سياق إتفاق غير معلن بين الأفرقاء المحليين، بهدف عدم إحراج رئيس الحكومة بأي موقف على المستوى الشخصي، نظراً إلى التداعيات التي قد تترتب على ذلك، خصوصاً على مستوى علاقاته مع بعض الدول الإقليمية، خصوصاً المملكة العربية السعودية.

وتشير هذه المصادر إلى أن هذه الزيارات لم يعد أحد يطرح حولها عما إذا كانت بصفة رسمية أو شخصية، كما كان يحصل في الزيارات السابقة، لا سيما أنّ الوزراء المعنيين كانوا يؤكدون دائماً أنها تأتي بصفتهم الرسمية حتى ولو لم يكونوا مكلفين بذلك من مجلس الوزراء، وتضيف: "الفصل بين الشخصيتين بدعة لا قيمة لها، فلا يمكن أن يقوم أي وزير بالإجتماع بنظيره في دولة أخرى، لبحث أمور تهم الدولتين ويكون ذلك بصفة غير رسمية".

في المحصّلة، تؤكد المصادر نفسها على أن ليس هناك من جديد لافت يمكن الحديث عنه في الزيارة الأخيرة، باستثناء حضور وزير الماليّة بما يمثله من ثقل على المستوى السياسي، بوصفه معاون رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، في حين كان يتم التلميح، في المرحلة السابقة، بأن هناك توتراً في العلاقة بين الجانبين.