يترقّب اللبنانيون حواراً إقتصادياً في بعبدا، سيشكّل مساحة عصف فكري لوضع خطة طوارئ لبنانية للخروج من الأزمة، وسط معادلة الحاجة الى دواء مالي لبناني ولو كان طعمه مرّاً.

بقدر ما تشكّل الخطوة محطّة داخليّة مهمة، سترصد عواصم عالميّة مسار الإجتماع ونتائج الحوار، على إعتبار أنّ الثقة الدولية بأيّ خطوة مشابهة هي مطلوبة لتسهيل مؤتمر "سيدر" بشكل مباشر، وإعادة الإيجابيّة الى نظرة تلك العواصم للبنان.

يحتاج النقاش الإقتصادي الى اكثر من ساعتين بالطبع، وهو الوقت المخصص لنقاش يوم الإثنين المقبل، لتقديم الرؤى ومناقشة الخطط التي يمكن طرحها، مع قراءة تداعياتها المحلية وتأثيراتها على المواطن، خصوصا ان توصيات لفرض ضرائب جديدة قد تحمل معها أعباء إضافية على جيوب المواطنين، فهل يمكن القبول بعودة مشروع الضريبة على البنزين، كما تطرح لجنة الخبراء الإقتصاديين؟ او اعادة تعويم طروحات رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ الإقتصادية المرفوضة من قطاعات نقابية. لكن تقرير الخبراء لن يكون منزلاً ولا نهائياً. علما ان الإقتصاديين الخبراء يخشون من الحسابات السياسية في مقاربة العلاج المطلوب. واذا كان الحوار الذي يرعاه رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ يضم رؤساء الأحزاب ورؤساء الكتل النيابية، فإنّ مطّلعين سجّلوا ملاحظات في الشكل على الدعوة تسبق مضمون النقاش السياسي-الإقتصادي المرتقب في ساعتين، إستناداً الى إستبعاد نواب وقيادات حزبيّة ناشطة إقتصادياً من المشاركة في الحوار: لماذا لم تتم مثلاً دعوة النواب: ​فريد البستاني​ و​فؤاد مخزومي​ وميشال الضاهر ونعمة إفرام؟.

تلعب تلك الشخصيات النيابية ادواراً إقتصادية مهمّة، من خلال مواكبة تفاصيل الحياة الإقتصاديّة في الداخل وكيفيّة تعامل العالم معها. فمن إستبعدها؟ يقول معنيون بالحوار أنّ القاعدة هي دعوة رؤساء الأحزاب ورؤساء الكتل كي لا تُصبح المشاركة واسعة، ويسعى رئيس الجمهورية ميشال عون لتحقيق إنتاج عملي في رؤية واضحة وسريعة. فإذا كانت تلك الأسماء فاعلة إقتصادياً، وهو امر لا ينكره أحد، فإن بإستطاعتها تقديم رؤاها القيّمة الى كتلها النيابيّة التي يشارك رؤساؤها في الحوار بالنيابة عنها. لكن ماذا عن النوّاب المستقلّين؟ ينطبق الامر على مخزومي الّذي يترأس حزب "​الحوار الوطني​"، ويرتبط بعلاقات سياسية وشخصية ممتازة مع العهد، لكن الدوائر المعنيّة بالحوار لم توجّه له الدعوة، من دون ان تقدم تبريراً واضحاً، لكن المهمّ هو ما يقوله مطّلعون انّ ذلك "جاء مراعاة لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي ينافسه مخزومي سياسياً في بيروت تحديدا، بعدما بات إسمه يطرح جدّياً لإمكانية ترؤس حكومات في المرحلة المقبلة ودخول النادي من بابه الإقتصادي".

يعزز هذا السيناريو بالإستبعاد ان مخزومي لم يُدعَ ايضاً في الاشهر الماضية الى المشاركة في مؤتمر ابو ظبي للإستثمار، رغم انه رئيس لجنة الصداقة الإماراتيّة اللبنانيّة النيابيّة. كذلك حصل الأمر في مؤتمر للإستثمار عقد في بريطانيا، رغم العلاقات المميزة والمعروفة التي تربط رئيس حزب "الحوار" بالبريطانيين منذ عقود. كانت دائماً تُرمى المسؤولية على الحسابات البيروتيّة السياسيّة. لكن الواقع اللبناني الصعب الآن يتطلّب الترفع عن تلك الحسابات، لأن إشراك الإقتصاديين بتقديم الأفكار وتحمّل المسؤوليّة هو امر ضروري، بعد رصد حضور النواب المعنيين في كل جلسات اللجان النيابيّة، واطّلاعهم على كل تفصيل وعقبة ومشروع. يضاف الى ذلك أن علاقات مخزومي والبستاني وافرام الخارجيّة تدفع العواصم الى اعادة الثقة الماليّة والإقتصاديّة بلبنان في زمن تخفيض التصنيفات.