تواجه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ال​فلسطين​يين في لبنان "​الاونروا​"، مخاوف جدية من عدم التصويت على ولاية جديدة لها لمدة ثلاث سنوات كالعادة، وذلك خلال الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستنعقد في نيويورك في 17 أيلول الجاري، نتيجة الضغوط الاميركية–ال​اسرائيل​ية الهادفة الى انهاء عملها وتاليا شطب قضية اللاجئين وحق العودة وفق القرار الدولي 194.

هذه المخاوف، ليست جديدة، إذ تأتي استكمالا لحلقة من التطورات السياسية التي بدأتها الولايات المتحدة الاميركية مع الرئيس ​دونالد ترامب​، وابرزها اعترافه بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، تقليص المساعدات المالية المقدمة الى "الأونروا" البالغة حوالي 365 مليون دولار، ثم وقوفها نهائيا ما ساهم في استفحال عجزها وتاليا تقليص خدماتها و"الحبل على الجرار"، قطع كل المساعدات للسلطة الفلسطينية، وقف دعم مستشفيات القدس وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية وطرد السفير الفلسطيني حسام زملط، وعائلته من واشنطن، محاولة تقليص اعداد اللاجئين باعتبار ان الذين ولدوا في فلسطين وهجروا منها هم اللاجئون فقط، بينما الذين ولدوا في دول الشتات غير لاجئين ويجب استيعابهم فيها، وآخرها اليوم التجديد لولاية "الاونروا" في الجمعية العامة للامم المتحدة، كل ذلك بهدف الضغط على السلطة والقوى الفلسطينية للقبول بـ"صفقة القرن" التي تحقق المصلحة الاسرائيلية دون سواها.

وتؤكد مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان مواقف المسؤولين الاميركيين من وكالة "الاونروا" لا تبشر بالخير، وتثير المخاوف من عدم التجديد لها لولاية جديدة وابرزها تصريح مبعوث السلام الأميركي للشرق الأوسط جايمس غريمبلات أثناء انعقاد لقاء مجلس الأمن الدولي في 22 أيار الماضي، عندما قال إن وكالة “الأونروا” قد أصبحت في “الرمق الأخير”، داعياً إلى انتقال الخدمات التي تقدمها إلى الدول المضيفة للاجئين والمنظمات غير الحكومية، ومنها استغلال التحقيق بقضايا فساد في اروقتها لتشويه سمعتها وضرب مصداقيتها لتحقيق الهدف او على الاقل تجفيف منابع دعمها المالي كونها المسؤولة عن رعاية وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

سياسيا، واستشعارا بالخطر المحدق، أكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان اجتماعا طارئا سيعقد لمؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة للاجئين يوم غد الثلاثاء، وذلك في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربيّة، في القاهرة بمشاركة الدول العربيّة المضيفة للاجئين، والأمانة العامة لجامعة الدول العربيّة ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والمنظمة العربيّة للعلوم والثقافة "ألكسو"، والمنظمة الإسلامية للعلوم والثقافة "أسيسكو"، لمناقشة ملف تجديد تفويض عمل الاونروا وازمتها المالية وما يستجدّ من أمور.

وأوضح عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" رئيس دائرة شؤون اللاجئين الدكتور احمد ابو هولي ان الاجتماع الطارئ سيعقد بناء على طلب دولة فلسطين لبحث دعم تجديد تفويض ولاية عمل "الاونروا" لثلاث سنوات مقبلة، والذي يأتي في اطار خطة تحرك المنظمة لدعم تجديد تفويض الاونروا مع اقتراب عملية التصويت في ظل المسعى الاميركي-الاسرائيلي لالغاء التفويض او تغييره، مؤكدا على وجود تنسيق على مستوى الدول العربية المضيفة لقطع الطريق على الادارة الاميركية والحكومة الاسرائيليّة من تمرير مخطط تصفية "الاونروا، مشددا في الوقت نفسه، على ضرورة دعم استمرار "الأونروا" في القيام بعملها وفقا لقرار إنشائها رقم 302 لعام 1949 ورفض أي مساس او تلاعب بتعريف صفة اللاجئ الفلسطيني.

شعبيا، تتقدم التساؤلات عن مصيرها، وما اذا كان سيحصل التجديد أم لا؟ حيث يتحدث المدير العام لهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي عن سلسلة من السيناريوهات المحتملة، منها التجديد الطبيعي لعمل الوكالة كما جرت العادة، أو التصويت بالتجديد، من عدمه، لكن مع تراجع في عدد الدول المؤيدة، أو التصويت للتجديد مع تعديل في سياسة عمل الوكالة، وآخرها التصويت كروتين دوري وصولاً لتحويلها إلى وكالة شكلية غير فاعلة".

وسط هذه السيناريوهات والاحتمالات، يرجّح هويدي التجديد لولاية "الاونروا" مجددا لانه لا غنى عنها حتى اليوم في ظل ارجاء اعلان بنود "صفقة القرن" السياسية لما بعد الانتخابات الاسرائيلية المبكرة، فالإدارة الأميركية وإسرائيل يدركان بأنه ليس من السهولة أبداً إلغاء قرار إنشاء الوكالة، وهو أمر مستحيل أو على الأقل غير متاح في الظروف والمعطيات الراهنة وموازين القوى الدولية، وهو الحق الذي تمتلكه حصراً الجمعية العامة لا سواها، ناهيك عن أنّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ودول الاتحاد الأوروبي، مجتمعةً أو على شكل فردي، أو جامعة الدول العربية، أو منظمة التعاون الإسلامي أو غيرها من المؤسسات العالمية الفاعلة والمؤثرة سياسياً، تعتبر أن الوكالة حاجة إنسانية ضرورية وملحة للاجئين الفلسطينيين وعنصر أمن واستقرار في منطقة الشرق الأوسط”.

يذكر أنه في أعقاب نكبة فلسطين العام 1948، تم تأسيس “الأونروا” بموجب القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين. وبدأت عملياتها في الأول من شهر أيار عام 1950 وفي غياب حل لمسألة اللاجئين، عملت الجمعية العامة وبشكل متكرر على تجديد ولاية الأونروا، علماً أنه في ديباجة قرار إنشاء الوكالة والفقرة 5 والفقرة 20 ثمة إشارة إلى ارتباط خدمات “الأونروا” بتطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وبالتالي من المُستبعد أن يجرى أي تعديل على مهام الوكالة ودورها وعملها.