رسمت مسودَّة تَقْريرٍ، سيصدر لاحقًا عن الأُمم المُتَّحدة، سيناريوهات "سَوْداويَّة" في شأن اسْتِمرار ارْتِفاع درجة حرارة الكَوْكب خلال السَّنوات المُقْبلة، وبخاصَّةٍ خِلال العُقود الممتدَّة من 2050 إلى 2100.وجاء مسودَّة التَّقْرير أَنَّ"ارتفاع مُسْتوى البِحار بِسبب الاحْتِباس الحَراريِّ، قد يتسبَّب في نُزوح 280 مليون شخصٍ، في إِطار "سيناريو مُتفائل يَحْصر الارْتفاع بدرَجتين مئَويَّتين اثنَتَين فقط، مُقارنةً بما قَبْل الثَّوْرة الصِّناعيَّة.

إِلى ذلك، ومع ازْدِياد وَتيرة الأَعاصير، قد تُسجَّل في الكثير من المُدن الكُبْرى ​فيضانات​ٌ سنويَّةٌ اعتبارًا من 2050، وَفق ما جاء في الوَثيقة الصَّادرة عن "الهَيْئة الحُكوميَّة الدَّوْليَّة"، المعنيَّة في شؤُون التَّغيُّر المُناخيِّ"سكاي نيوز عربيَّة"، وفي وقتٍ نَتخبَّط نحن في لُبْنان بأَزْمة النُّفايات والمَحارق والمكبَّات والصَّرْف الصِّحيِّ، غير مُواكِبين الأَخْطار المَهُولة الدَّاهمة بكَوْكبِنا المِسْكين!...

وتوقَّعت الهَيْئة أَيْضًا، ذَوَبان 30 إلى 99 في المئة من الأَراضي الدَّائمة التَّجمُّد في حلول2100، مع اسْتِمرار وَتيرة الاحْتِباس الحراريِّ الرَّاهنة، ما يُؤدِّي إِلى تَحْرير كميَّاتٍ كبيرةٍ من "ثاني أُوكسيد الكَرْبون" و"الميثان" في الجوِّ.

وكذلك تَتوقَّع الهَيْئة أَنْ يُضيف النَّشاط البشريُّ 300 و500 غيغا طن من "ثاني أُوكسيد الكَرْبون" إِلى المُحيطات، في حلول نهاية القَرْن الحادي وعشرين.

والتَّغيُّر المُناخيُّ هو أَيُّ تغيُّرٍ مُؤثِّرٍ وطَويل المَدى، في مُعدَّل حالة الطَّقْس، يَحْدث في منطقةٍ مُعيَّنةٍ. وأَمَّا مُعدَّل حالة الطَّقْس، فيُمْكن أَنْ يَشْمل مُعدَّل درَجات الحَرارة، مُعدَّل التَّساقُط، وحالة الرِّياح.

هذه التَّغيُّرات يُمْكن أَنْ تَحْدث بسبب العَمليَّات الدِّيناميكيَّة للأَرْض كالبراكين، أَو بسبب قوىً خارجيَّةٍ كالتَّغيُّر في شدَّة الأَشعَّة الشَّمْسيَّة أَو سُقوط النَّيازِك الكَبيرة، وكذلك بِسبب نَشاطات الإِنْسان.

اضْطِراباتٌ مُناخيَّةٌ ومَوْجاتُ حَرٍّ

وكانَت الاضْطرابات المُناخيَّة أَدَّت في تمُّوز الماضي إِلى فيضانات في ​الهند​، أَوْدت بحياة 27 شخصًا... كما ولَقي 12 شَخْصًا مَصْرعهم في ​روسيا​ بسبب السُّيول العارِمة، في حين أَعْلنت الحُكومة الأُسْتراليَّة، في 13 آب الماضي، تَقْديم مبلغ 340 مليون ​دولار​ لمُساعدة دُوَل المُحيط الهادئ،في مُواجهة ظاهِرة الاحْتِباس الحراريِّ.

كما وأَدَّت مَوْجة الحرِّ غير المَسْبوقة الَّتي اجْتاحت أُوروبا هذا الصَّيْف، إِلى زِيادة عدد الوفيَّات في ​هولندا​ في شَكْلٍ كبيرٍ، مع اسْتِمرار درَجات الحَرارة في تَجاوز حاجِز الـ40 درجة مِئويَّة. وفي هذا الإِطار أَعْلنت "وكالة الإِحْصاءات الوطنيَّة في هولندا، في 9 آب الجاري، أَنَّ"عدد الوفيَّات في البِلاد خِلال مَوْجة الحرِّ الَّتي اجْتاحت أُوروبا في الآونة الأَخيرة، زاد بنحو 400 شخصٍ مُقارنةً مع أيِّ أُسْبوعٍ عاديٍّ خلال فَصْل الصَّيْف.

وذكرت الوكالة أَنَّ 2964 شخصًا إِجْمالا تُوفُّوا في هولندا خلال الأُسبوع المُمْتَدّ مِن 22 تَمُّوز الماضي إلى 29 منه، وهذه المُحصِّلة أَعْلى مِن أَيِّ أُسْبوعٍ عاديٍّ في الصَّيف، بنِسْبةٍ تُقارِب الـ 15 في المِئة.

خَطايا بَشريَّة...

وذَكر تَقْريرٌ علميٌّ جَديد للأُمم المُتَّحدة أَنَّ"التَّغيُّر المُناخيَّ الَّذي يُسبِّبه الإِنْسان يُؤدِّي إِلى تَدَهْور اليابِسة على كَوْكب الأَرْض في شكلٍ دراماتيكيٍّ".وأَشار التَّقْرير إِلى أَنَّ حَرارة اليابِسة، الَّتي لا تُمثِّل سوى 30 في المئة من الكُرة الأَرْضيَّة، تَرْتفع بمُعدَّل ضِعْف سرعة ارْتِفاع حَرارة الكَوْكب كَكُلّ.

فلقد أَدَّى التَّوجُّه نحو تَطْوير الصِّناعة في الأعوام الـ150 الأَخيرة، إِلى اسْتِخراج مِلْيارات الأَطْنان من ​الوقود​، وحَرْقها لتَوْليد الطَّاقة. وهذه الأَنْواع من "المَوارد الأَحفوريَّة"، أَطْلقت غازاتٍ تَحْبس الحَرارة، وهي بالتَّالي مِن أَهمِّ أَسْباب تَغيُّر المُناخ...

ورَفَعت هذه الغازات حَرارة الأَرْض إِلى 1.2 درجة مئويَّة مُقارنةً بمُسْتَويات ما قبل الثَّوْرة الصِّناعيَّة، وقد بات الإِنْسان مُجْبرًا على لَجْم ارْتِفاع الحَرارة الشَّامل، ليَبْقى دون الدَّرجَتَيْن المِئَويَّتَيْن الاثنَتَيْن.الفاتُورة البيئيَّة الباهِظة

وأَمَّا إذا "تقاعست" البشريَّة عن كَبْح سرعة التَّغيُّر المُناخيِّ، فسيَتَفاقم عدد البَشر المُهدَّدين، وتَرْتفع نسبة الأَنْواع المُعرَّضة للانْقِراض من 20 في المئةِ إِلى الثَّلث، بَيْنما من المُتوقَّع أَنْ تُؤدِّي العَواقب الماليَّة للتَّغيُّر المُناخيِّ إِلى تجاوز إِجْماليِّ النَّاتج المَحليِّ في ​العالم​ أجمع، مع حُلول العام 2080. كما وأَنَّ أَخْطارًا أُخْرى ستُهدِّد الإِنْسان في بيئته، ومِنْها:

*إِرْتفاع دَرَجة حَرارة الأرض إِلى أَرْقامْ قياسيَّة وحُدوث تَغيُّراتٍ مُناخيَّةٍ كَبيرةٍ...

* انْصِهار الثُّلوج في الأَقْطاب وارْتفاع مَنْسوب ماء البَحْر...

* تَغيُّرات في سقوطِ الأَمْطار وسوء التَّوْزيع...

* موت الكَثير من النَّباتات والحَيوانات...

* اخْتِفاء بعض المُدن السَّاحليَّة وغَرق الكَثير من الجُزر...

* حُدوث كَوارث طبيعيَّة كثيرة كَحرائِق الغابات...

* انْتِشار الجَراثيم والبَكْتيريا والأَمْراض المُعْدية الَّتي تجد لها بيئةً مُناسِبة للتَّكاثُر نتيجة ارْتِفاع دَرجات الحرارة.