على مدى السنوات السابقة، عمدت ​قوى الأمن الداخلي​ إلى إطلاق أكثر من حملة للتوعية من عمليات الإبتزاز الجنسي على ​الإنترنت​، التي انتشرت بشكل لافت، في حين لا يزال الكثيرون يقعون في "الفخ" بالرغم من كل التحذيرات، ما دفعها إلى إطلاق حملة جديدة، منذ نحو اسبوع، توجّت أول من أمس بنشر فيديو توعوي، للإضاءة على تفاقم هذه الظاهرة في المجتمع.

في جميع ال​حالات​ يمكن الحديث عن "خربان بيوت"، فالضحية بعد وقوعها تتحول إلى مجرد أداة تنفيذية بيد "مبتزّيها" خوفاً من "الفضيحة"، نظراً إلى أن الأمور لا تتوقف عند تنفيذ أول طلب، بل "تكر" سلسلة من الطلبات التي لا تنتهي، والتي قد تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها أبرزها الإنتحار.

في هذا السياق، يوضح أحد المتابعين لهذا الملف، عبر "النشرة"، أن الخطر الأساسي في هذه المسألة يكمن بأنها لا تقتصر على البالغين فقط، بل تشمل أيضاً القاصرين، الذين يتم إستدراجهم للحصول على صور معينة، في بعض الأحيان تكون عادية، أو إرسال عبارات غير لائقة، ليتم بعد ذلك تهديدهم بنشرها، كاشفاً أن طلبات الشخص "المبتز"، في معظم الحالات، هي الحصول على مبالغ ماليّة أو إقامة علاقة جنسيّة، ويكشف أن أعمار الضحايا تتراوح بين 15 و50 سنة.

وفي حين يشير إلى أن "المبتزّ" يكون في معظم الأحيان من المقيمين خارج ​لبنان​، يلفت إلى إرتفاع أعداد الجرائم كانت ترتكب سابقًا من داخل لبنان، ويوضح أن حالات الإيقاع بالضحايا تتم بصورة أسرع بالنسبة إلى ​الشباب​، عبر التواصل معهم من قبل حساب يدّعي أنه امرأة، ثم يتمّ الطلب منهم إرسال صور غير لائقة، بينما بالنسبة إلى النساء فإنّ الأمر يأخذ بعض الوقت، حيث يتم الإحتيال عليهنّ عبر إقامة علاقات عاطفيّة، لتبدأ بعد ذلك عمليّة الإبتزاز نتيجة الحوارات أو الصور التي تكون قد أرسلت، ويضيف: "هي عملية ربح سريع بالنسبة إلى المبتز، لا سيّما إذا ما تجاوبت معه الضحية، نتيجة الخوف".

في هذا الإطار، تكشف مصادر أمنيّة، عبر "النشرة"، عن الأرقام التي سجّلت في العامين 2017 و2018، نظراً إلى أن إحصاءات العام 2019 لم تنته بعد، وتظهر هذه الأرقام إرتفاع عدد ضحايا التهديد والإبتزاز الجنسي من 663 في العام 2017 إلى 1229 في العام 2018، لكن في المقابل هناك نقطة ينبغي التوقّف عندها، وتتعلق بإرتفاع عدد الموقوفين أيضاً من 49 في العام 2017 إلى 166 في العام 2018، نتيجة الجهود التي تقوم قوى الأمن الداخلي على هذا الصعيد.

وتشير المصادر نفسها إلى أن نقطة إضافية مهمة، تتعلق بالتحول الذي حصل على مستوى الهوية الجندرية للضحايا، فبعد أن كانت الأغلبية من الذكور، باتت نسبة الإناث أعلى، 60% مقابل 40%، الأمر الذي تعيده المصادر إلى أن عمليات الإيقاع بالرجال كانت تتم في الغالب من أشخاص موجودين خارج لبنان، وهو ما تم التوعية عليه على نطاق واسع في الفترة السابقة، بينما الأسلوب نفسه يعتمد مع النساء، لناحية الإيهام بعلاقة عاطفية.

وتشدد هذه المصادر على ضرورة تبليغ ​الأجهزة الأمنية​ عند الوقوع في "فخ" من هذا النوع، نظراً إلى أن عدم التبليغ يدفع الفاعل إلى التمادي في مطالبه، وتؤكد أن اللجوء إلى قوى الأمن الداخلي هو حبل الخلاص، لا سيما أن العمل يتم بسرية تامة، وبالتالي ليس هناك ما يدعو للقلق، لكنها تلفت إلى أن نسبة البلاغات لا تزال أقل من عمليات "الإبتزاز" التي تحصل.

في المحصّلة، تشير المصادر الأمنيّة إلى أنّ كلّ شخص يقوم بعمليّات الإبتزاز، يوقف نتيجة شكوى معيّنة، يكون لديه عشرات الضحايا، وبالتالي شخص واحد قادر على إنقاذ العشرات، وتضيف: "​القضاء​ على هذه الظاهرة يبدأ من تجاوب المواطنين والتنبّه لعدم إرسال أيّ صور خاصة لهم، ثم تجاوب الضحايا لجهة تبليغهم عن حالاتهم ومعاقبة المبتزين ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه القيام بأعمال مماثلة".