لم تعد معرفة حقيقة العلاقة بين ​التيار الوطني الحر​ و​القوات اللبنانية​ بحاجة الى شرح وادلة، وما بينهما من خلاف ليس سحابة صيف عابرة، بل عاصفة مكتملة الأوصاف، وما حصل مؤخّرا بشأن ​ملف النازحين السوريين​ في لبنان وطريقة التعاطي معهم ليس الا معركة بسيطة من حرب طويلة.

ترى مصادر التيار الوطني الحر أن هجوم القوات على التيار والعهد ووزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ لم يتوقف منذ أشهر، ولكنه يتجدّد كل فترة بناء لأمر عمليّات موحّد، مشيرة عبر "النشرة" الى أن القوات اللبنانيّة وضعت هدفا أمامها هو التصويب على العهد، وهي تفعل ذلك في أي مناسبة واحيانا بدون مناسبة.

قد يظن البعض أن الخلاف سببه ملف النازحين ولكنه أبعد ما يكون عن ذلك، فالمسألة باتت أخطر بكثير وتتعلق بسياسات خارجيّة، فجعجع بات رأس حربة الفكر الخاص بـ14 آذار، خصوصا بعد أن أصبح رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ أقرب لرئيس الجمهورية ​ميشال عون​ أكثر من قربه منه، وكذلك بعد حادثة قبرشمون وما تبعها من تبديل لوجهة سياسة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الأمر الذي جعل جعجع ممثلا لخصوم حزب الله وسوريا وإيران.

ترى مصادر سياسيّة مطلعة أن جعجع الذي لطالما راهن على الولايات المتحدة الأميركية وسياساتها في المنطقة، يعود للرهان عليها اليوم، اذ يظنّ أن صفقة القرن آتية لا محالة، وبأنها ستُطبق سواء رضي بها من يعارضونها اليوم أم لا، وبالتالي يريد أن يكون جاهزا لقطاف ثمار ما يفعله لأجل هذه الصفقة. وتضيف عبر "النشرة": "يظنّ جعجع بأنه سيكون رجل اميركا المفضّل في لبنان بحال نجحت صفقة القرن، ممّا سيضمن له ​رئاسة الجمهورية​ المقبلة، لذلك فهو اعلن الحرب السياسيّة على العهد لتحالفه مع حزب الله، وعلى وزير الخارجية لكونه منافسا رئاسيًّا شرسا، وعلى الرئيس السوري بشار الأسد لكونه الرئيس العربي الوحيد الذي لا يزال راسخا في محاربته للمشروع الاميركي.

بالنسبة للمحلل السياسي جوني منيّر فالامر قد يكون رهانا من جعجع على السياسة الاميركية وصفقة القرن، ولكنّه لن يكون في محله لأن الصفقة "محدلة" ضخمة تؤثّر على دول لا على أفراد، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن حزب الله في لبنان هو الطرف الوحيد الذي يمكن له ان يحسب حسابات خاصة لصفقة القرن. ويضيف منيّر: "لا شكّ ان ما يحصل بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، والمحاصصة داخل الإدارة اللبنانيّة، ولا شك أيضا أنه بحال مراهنة رئيس حزب القوّات على المشروع الأميركي فهو لاجل الهدف الرئاسي".

يرى منيّر أن اتفاق معراب نص على تقاسم المراكز بالمناصفة، وهذا الأساس الذي قام عليه، وبالتالي فالاتفاق لم يعد موجودا. ويقول: "إن التعيينات مهمّة جدا لحجم كل فريق فهي من أبرز وجوه تكريس الوجود على الساحة المسيحيّة، وهي باب من أبواب التنافس عليها، لذلك فإن الصراع بين الطرفين لن ينتهي لا بل سيزداد ويتوسّع، فما بين جبران باسيل و​سمير جعجع​ لن يكون أقلّ من حرب طاحنة".

اذا ما بين رهان جعجع على الخارج وصراعه مع "الجميع" في الداخل وعلى رأسهم الوزير باسيل، ومحاولة رئيس التيار الوطني الحر الاستفادة قدر الإمكان من تواجد الرئيس عون في سدّة الرئاسة، ستشتعل الخلافات بين التيار والقوات أكثر، فهل يؤثر هذا الامر على انتظام عمل المؤسسات وأبرزها الحكومة؟!.