الأوضاعُ المالية والنقدية والإقتصادية والمعيشية المتراجعة، يجب ألا تُعفي الكثيرين من تذكُّر حقيقة ما حصل وكيف وصلنا إلى هنا، فالتشخيصُ وحده لا يكفي بل هناك ذاكرة يجب ان تنتعش ليدركَ الجميع حقيقة ما حصل وليكون هناك تحديدٌ دقيق للمسؤوليات.

***

لا يختلف إثنان في البلد أن أحد الأسباب الرئيسية لِما وصلنا إليه هو إعطاء ​سلسلة الرتب والرواتب​ من دون شرطين أساسيين "لئلا ينهارَ الهيكل":

الشرط الأول هو تأمين التمويل لها.

والشرط الثاني إنجاز الإصلاح الإداري في الإدارات العامة التي سيستفيد العاملون فيها من السلسلة.

ويذكر الجميع كيف ان ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​، كان يتريث في التوقيع على قانون السلسلة قبل ان تأتيه الأجوبة الكافية والشافية التي من شأنها أن تُطمئنه إلى ان السلسلة لن تتسبب في "كسر الخزينة"، وللأسف الشديد وقع المرسوم أخيرًا. لأن الاجوبة جاءت ان السلسلة تكلِّف مبلغًا معينًا (علمًا انه على ارض الواقع جاءت الكلفة أعلى بكثير).

هذا يدلّ على عدم دراسةٍ معمقة.

هذا يدلّ أن السلطةَ التنفيذيةَ غير جادة.

هذا يدلّ أن الاهتمامَ الحقيقي هو في أمورٍ أكثرَ "دسامة".

جاءت كل الأجوبة أن إيرادات السلسلة بالإمكان تأمينها من هذا القطاع أو ذاك (ليتبيَّن أن الإيرادات لم تتأمن بالكامل).

***

وكانت سلسلة الرتب والرواتب أحد الأسباب الرئيسية في "كسر الخزينة" لذا كان أحد البنود الأساسية في ورقة ​النقاش​ على ​طاولة الحوار​ الاقتصادي "تعليق إعطاء سلسلة الرتب والرواتب لثلاث سنوات".

***

ومن الافكار التي هي موجودة في ورقة طاولة الحوار الاقتصادي "قانون استعادة الأموال المنهوبة"...

***

الجميع يعلم أن السلطة التنفيذية موجودة في ​مجلس الوزراء​ مجتمعًا، ففي قضية الأموال المنهوبة يملك رئيس الجمهورية ملفًا كبيرًا لكنه يعرف واقع ​القضاء​، وكيف انه إذا أُحيل ملف إليه فإن هذا الملف يدخل في الزواريب والدهاليز.

لكنَّ ادانةَ ناهبي الخزينة وذكرِهم، وهم معروفون من الجميع، يُحدث صدمةً تهزّ عظامَهم وتُفرح قلوبَ الناسِ على أملٍ باسترجاع الاموال.

***

بسبب سلسلة الرتب والرواتب اضطرت ​المدارس الخاصة​ الى ان تدفع زيادات السلسلة إلى الأساتذة، فكما هو متعارف عليه، حين تأتي الزيادات للاساتذة في ​المدارس الرسمية​ فإنها حكمًا تُعطى للأساتذة في المدارس الخاصة. أموال المدارس الرسمية من موازنة ​وزارة التربية​، لكن أموال المدارس الخاصة من الأقساط التي يدفعها الأهالي، فحين تُزاد رواتب الأساتذة، عندها ترفع المدارس الخاصة الأقساط، فمن أين يأتي الأهل بالزيادات، وهُم لم يحصلوا على زيادات في ​القطاع الخاص​؟

إنها الدوامة، وإذا كان الحل ان يترك غير القادرين المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية، فإن هناك مشكلتين:

الأولى ان المدارس الرسمية لم تعد تستوعب أي عدد إضافي.

والثانية ان المستوى التعليمي في بعض المدارس الرسمية لا يُشجِّع.