لفت الموفد الفرنسي المكلّف متابعة مقرّرات "​مؤتمر سيدر​" السفير ​بيار دوكان​، إلى "أنّني التقيت ببعض العاملين في ​المصارف​ ومالكي الشركات، فالهدف من زيارتي لم يكن فقط لقاء المسؤولين الساسيين، و​فرنسا​ تقوم بدور الوسيط بين السلطات ال​لبنان​يةوالقادة الاقتصاديين وممثّلي ​المجتمع المدني​،والجهات المانحة"، مبيّنًا "أنّني انتهيت من عملي بشعور قوي أو بانطباعات عدّة قويّة بأنّ الوضع الملحّ بات مفهومًا وواضحًا، وهذا أمر جليّ بعدما كنت أسمع في الأشهر السابقة من قبل البعض بأنّ هذا الوضع مألوف بالنسبة للبنان ويمكن الخروج منه بسهولة".

وأوضح في مؤتمر صحافي من ​المركز الثقافي الفرنسي​، "أنّنا توافقنا على توصيف هذا الوضع وهذا الأمر جيّد،وهذا التوافق على تشخيص الوضع كان يمكن أن نتوصّل إليه من قبل، إلّا أنّنا توصّلنا إليه اليوم، ولكن البعض كانت لديه آمال بغير ذلك والمعجزة أو الحل السحري الذّي يفكّر به البعض غير موجود"، منوّهًا إلى أنّ "هذا الوضع كان موجودًا في مرحلة "مؤتمر سيدر"،وتبيّن لي بعد لقاءاتي أنّ هناك فهمًا كبيرًا لدقّة ​الوضع الاقتصادي​، إذ لا يمكن إيجاد مؤشّر اقتصادي واحد ليس سيئًا".

وركّز دوكان على أنّ "اكتشاف ​النفط​ في ليس الحل السحري الّذي سيحلّ كلّ الصعوبات الّتي يواجهها لبنان، فهذا أمر إيجابي لكنّنا لم نصل إليه بعد، وهذا أمل خاطئ وليس الطريق المناسب إلى الأمام"، مشدّدًا على أنّ "هناك تدابير يجب أن تُقرّ بسرعة، فالوقت يداهمنا ولا يمكننا الاستمرار بالجدالات اللامتناهية، والمهمّ أن عملية "سيدر" لا تزال قائمة في المنهجيّة المتّفق عليها، وهي العقود والاستثمارات بين لبنان و​المجتمع الدولي​". وأشار إلى أنّ "السلطات اللبنانية مدعوّة إلى وضع هرميّة واضحة للمشاريع المختلفة، الّتي ممكن أن تتراوح بين مدرسة من هنا وطريق من هناك".

وذكر "أنّني لم أر جهات مانحة تقول لي إنّنا قرّرنا وقف التمويل. البعض كان لديه هذا الانطباع، إلّا أنّ ذلك ليس صحيحًا"، مفيدًا بأنّ "هناك بعض التشكيك الّذي ارتفع في الأسابيع والأشهر الأخيرة، إلّا أن التمويل لا زال موجودًا، والجهات المانحة لا زالت مستعدّة للمساعدة، شرط أن تجري الأمور وفق ما هو مطلوب". وأكّد أنّ "لبنان بحاجة ماسّة إلى بنى تحتيّة غير موجودة فيه، ونأمل أن توضع على السكة قريبًا".

وبيّن أنّ "التمويل الّذي وُعد به في "سيدر" لم يبدأ بعد، لأنّ تشكيل ​الحكومة​ تأخّر 9 أشهر، والأسئلة استمرّت أيضًا بعد تشكيلها"، منوّهًأ إلى أنّ "المطلوب في "سيدر" واضح وهو القيام بإصلاحات. والفكرة ليست أن تقوم الدولة بالإصلاحات فقط من أجل المجتمع الدولي أو لإرضاء الخارج، بل من أجل وضع البلد على السكة الصحيحة، ولخدمة الشعب والمؤسسات اللبنانية وللنهوض باقتصاد لبنان".

كما أشار دوكان في ما يتعلّق ب​المالية العامة​ بشكل عام، إلى أنّ "من الواضح أنّه تمّ خفض العجز في موازنة 2019، وفهمت أنّ الجميع متوافق علىأنّ ما اتّفق عليه في "سيدر" ما زال متبعًا، وموعودون في موازنة 2020 أن تتضمّن تدابير تخفّض الإنفاق وهذا الأمر أسهل من زيادة ​الضرائب​"، مؤكّدًا أنّ "المهم وضع تدابير وتنفيذها والتركيز على تقليص النفقات وزيادة المداخيل، وموضوع الطاقة أساسي من أجل الاستثمارات في أي قطاع كان.لا بدّ من تنظيم ​قطاع الكهرباء​ بالشكل المطلوب". وبيّن أنّه يجب أن نتذكّر أنّ 60 في المئة من العجز يأتي من "​كهرباء لبنان​"، وبالتالي لا بدّ من التصرّف إزاء هذا الأمر".

ودعا إلى "البدء بزيادة التعرفة في قطاع الكهرباء وتحسين جباية واحترام ما قيل في فصل الربيع بزيادة التعرفة بدءًا من كانون الثاني 2020 وعدم ترحيله أكثر من أجل الحفاظ على الثقة، الأمر الّذي سيشكّل بادرة جيّدة، مشدّدًا على أنّ "موضوع الطاقة هو موضوع أساسي من أجل الاستثمارات في لبنان، وهو مرتبط بالاقتصاد الصغري نظرًا لأهميّته". وفسّر أنّ "زيادة تعرفة الكهرباء ليست ضريبة ويجب زيادتها بشكل تدريجي مع تقديم خدمة أفضل طبعًا، والجباية الكاملة ليست مستحيلة ويجب البدء بها. الجباية بالنسبة للناتج المحلي يجب أن تكون 12 في المئة ونحن في فرنسا وصلنا إلى 46 في المئة".

وأفاد بأنّ "المطلوب إجراء إصلاحات فنيّة على مستوى المالية العامة، متعلّقة بإصلاح التعاقد الحكومي و​الجمارك​ وآليّات مكافحة التهرّب الضريبي والتخفيف من الإعفاءات الضريبيّة. هذه الجهود لا بدّ من العمل عليها، ورأينا بعض الخطوات من قبل الحكومة، لكن لا بدّ من إقرارها".

ونوّه إلى "أنّني تحدّثت عن إصلاح التعاقد العام، وهناك أيضًا تحسين القدرة على المنافسة، وكلّ ما سمعته في لقاءاتي يشير إلى عزم السلطات اللبنانية والوزراء بالمضي قدمًا أسرع من المهل الموضوعة وهذا عمل ايجابي"، مركّزًا على أنّ "الوضع حرج ولكن الثقة هي الكلمة المفتاح الّتي اعتمدناها في "سيدر". نفهم أنّ الحكومة أمامها الكثير من العمل لتقوم به، وأفهم أنّ الجهات المشاركة في لقاء بعبدا ملتزمة بالمجهود الحاصل، والجهات المانحة أيضًا ملتزمة ، لكن عقد الثقة حازم، ويجب أن تنطلق عمليّة "سيدر" بأسرع وقت وعلى كلّ الجبهات".

إلى ذلك، كشف دوكان أنّه "ليس هناك أي ّتاريخ لصرف مستحقات "سيدر" ولكن ستعطى الأموال ويجب أن نفهم هذا الأمر"، لافتًا إلى "وجوب التركيز على الضرائب غير المباشرة وعلى منتجات محدّدة، فأنا أتحدّث عن الإصلاح الشامل".