ر

ما أنْ يُقفل باب مَنْ التي تُوتِّر العلاقات اللبنانية – الفلسطينية، حتى يُوَاجه الفلسطيني أزمة جديدة، وأحياناً يكون ضحيّة تطبيق القانون بين وزارات الدولة وفق تقدير واستنسابية الصلاحيات!

والأخطر أنّ التنفيذ الجديد من قِبل وزارة، يكون بعدما كانت وزارة أخرى قد قامت بتنفيذ الإجراءات، والتي قد تصل بالقضية ذاتها إلى حد الإقفال.

هذا ما حصل أمس (الجمعة) مع "مؤسّسة ربيع عارف"، لصاحبها ربيع توفيق الحاج محمود عارف، والمُخصّصة لتجارة وبيع البلاط والسيراميك، في محلة ضهر العين - رأسمسقا - قضاء الكورة، والتي كانت قد أُقفلت في ضوء إجراءات وزارة العمل، يوم الخميس في 11 تموز 2019، مع "مؤسّسة عارف للسيراميك"، التي يملكها زياد الحاج محمود عارف، والواقعة في المنطقة ذاتها، وهو ما أدّى إلى حراك شمل التجمّعات والمُخيّمات الفلسطينية، وتضامناً في مُدن وبلدات لبنانية، قبل أنْ تتم إعادة فتح المؤسّستين، في ضوء قرار وزير العمل الدكتور كميل أبو سليمان، إثر تسوية وضعيهما، وتقديم المُستندات اللازمة.

وأمس، جرى إقفال "مؤسّسة ربيع عارف" من قِبل قوى الأمن الداخلي، بناءً لكتاب محافظ لبنان الشمالي القاضي رمزي نهرا، بتاريخ 8/8/2019، إلى قائد منطقة الشمال الإقليمية العقيد يوسف درويش، طلب فيه "إقفال كافة المحال التي تعمل بصورة غير شرعية، وتُخالف قانون العمل، وختمها بالشمع الأحمر في قضاء الكورة، والبالغ عددها 52 محلاً.

وذلك سنداً إلى إحالة وزيرة الداخلية والبلديات عدد 8014 تاريخ 9/9/2019، وعملاً بأحكام كتاب وزارة الاقتصاد والتجارة رقم 2019/59/5983 تاريخ 2/4/2019، على أنّ المحال هذه تعمل بصورة غير شرعية، وتُخالف قانون عمل الأجانب، وأنّ أصحابها غير مُستحوذين على الأوراق القانونة والتراخيص اللازمة، لذلك الاطلاع والإيعاز لمَنْ يلزم بإقفال كافة المحال المبيّنة تفصيلاً في الجدول المُرفق، وختمها بالشمع الأحمر، وإيداعنا محضر إقفال".

وعلى الأثر، جرت سلسلة اتصالات كان محورها الوزير أبو سليمان، سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور والمحافظ نهرا.

واتصل الوزير أبو سليمان بالمحافظ نهرا، طالباً إعادة فتح "مؤسّسة ربيع عارف"، الذي تمَّ إقفالها بأمر من المحافظ، بناء على تقارير سابقة، بينما كان عارف قد سوّى وضعه، وحاز إجازة صاحب عمل فئة أولى تحمل الرقم 2019/1884/ط، بتاريخ 2/8/2019، صالحة لغاية 11/7/2020، كما استحصل على إجازات عمل للمُوّظّفين غير اللبنانيين لديه.

وأبدى المحافظ نهرا تجاوبه مع اتصال الوزير أبو سليمان، وتمَّت إعادة فتح المُؤسّسة بعد ظهر أمس.

هذا، وتطرح قضية التعامل مع الواقع الفلسطيني في لبنان، جُملة من التساؤلات لجهة طريقة مُعالجتها في ظل المُطالبة الفلسطينية بإلغاء إجازة العمل، وإقرار الحقوق المعيشية والاجتماعية والمدنية وحق التملّك، والتي اتخذ مجلس الوزراء في جلسته التي عُقِدَتْ برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين، يوم الخميس 22 آب الماضي، قراراً بتشكيل "لجنة سداسية" برئاسة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، لدراسة الملف الفلسطيني برمّته. وأيضاً مَنْ يتحمّل اجتهادات واستنسابات بعض الوزارات بالتعامل مع قضايا الفلسطينيين، وتداخل ذلك في ما بينها، وفي كثير من الأحيان تكون مُستندة إلى محاضر أو تقارير سابقة قد تمّت مُعالجتها، وهو ما حصل مع "مؤسّسة ربيع عارف".

والسؤال الذي بات بحاجة إلى إجابة واضحة، حول مَنْ يضمن عدم الاجتهادات المُتكرّرة في القضايا ذاتها، والتي قد تنسحب على وزارات أخرى بالمُطالبة بمستندات من صلاحية وزارات غيرها!

هذه الحادثة التي جرت أمس، تستدعي إسراعاً في اتخاذ الخطوات لمُعالجة ما يتعلّق بالوجود الفلسطيني على اعتبار أنّه ليس أجنبياً، بل موجود بشكل قسري جرّاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضه، واعتماد بطاقة الهوية الصادرة عن وزارة الداخلية - مديرية الشؤون السياسية، يُعتبر الحل الأنجع لمُعالجة كل هذه القضايا مع إلتزام اللاجئ الفلسطيني بالقوانين المرعية في لبنان كما اللبناني.