آخرُ بدعةٍ في السلطةِ هي الخطوطُ الحمر:

عند البعض:

المرفأ خط أحمر، و​مجلس الإنماء والإعمار​ خطٌ أحمر.

و​الهيئة العليا للإغاثة​ خطٌ أحمر.

والميدل ايست خط أحمر.

و​السوق الحرة​ في ​مطار بيروت​ خط أحمر.

***

عند البعضِ الآخر:

المقالعُ والكسارات خطٌ أحمر.

مؤسسةُ ​كهرباء لبنان​ خطٌ أحمر.

مرفأُ ​طرابلس​ خط أحمر.

صندوقُ المهجرين وسائر المجالس والصناديق خط أحمر.

***

عند البعض الآخر أيضًا:

حاكم ​مصرف لبنان​ خطّ أحمر.

***

هذا غيضٌ من فيض الخطوط الحمر في البلد، وللمفارقة فإن معظم هذه المواقع الآنفة الذِكر هي أحد الأسباب الرئيسة في ​العجز​ في خزينة ​الدولة​، وأنّ معظمَ التحقيقات التي أجريَت أظهرت أن أبوابَ الهدرِ و​الفساد​ِ وضياعِ المليارات من خزينة الدولة هي من هذه المواقع، ولكن حين توضع الخطوطُ الحمرُ عليها وعلى بعض مَن تسلَّموا المسؤولية فيها وكان لهم حقُّ التوقيع على الصرف فيها، فكيف سيتم استرداد الأموال المنهوبة؟

***

إن الذين يضعونَ الخطوطَ الحُمر على أشخاص أو مؤسسات عليهم شبهةُ الهدر والفساد، يعني أن عملية الإصلاح ومحاربة الهدر والفساد إسمٌ على غير مسمى وأن العملية لن يُكتَب لها النجاح من أول الطريق، فهل هذا هو المطلوب؟

***

أجملُ ما في هذا البلد أنّ الناسَ يعرفونَ بعضهم وأن المسؤولين يعرفونَ بعضهم وأن الناسَ يعرفونَ المسؤولين، فلا داعيَ للتستر والتستير ولوضعِ الخطوطِ الحمر، فإذا لم يكن الهدر في المرفأ وفي مجلس الإنماء والإعمار وفي المقالع والكسارات وفي السوق الحرة وفي عقود ​النفايات​ وفي استيراد الفيول ل​مؤسسة كهرباء لبنان​، فأين يكون؟

***

طالما أنكم ستضعون خطوطًا حمراء تحت أسماء ومؤسسات فإن المجتمعَ الدولي سيبقى يضعُ خطًا أحمر تحت اسم لبنان على انه بلد غير قابل لإعادة النهوض، وعليكم ان تقرروا:

إما خطٌّ احمرُ تحت اسم لبنان.

وإما خطوطٌ حمرٌ بالجملة تحت اسماءٍ انتم تقررونها.

فماذا تريدون؟ هل تريدون إنقاذ لبنان أو تريدون إنقاذ "جماعاتكم" من المساءلة والمحاسبة والضغط عليهم لاسترداد الأموال؟

حسنًا فعلَ رئيسُ تكتل لبنان القوي الوزير ​جبران باسيل​ بأن تقدّم بمشروع قانون لاستعادة الاموال المنهوبة، هذا الطرحُ هو استكمالٌ لمقولةِ رئيس الجمهورية أن البلدَ مسروقٌ وليس مكسورًا.

***

حجرُ الزاويةِ في كلّ هذه المعادلة هو وزيرُ المالِ ​علي حسن خليل​.

فإذا كان "التوازن في ​الموازنة​" فإنه هو الذي يضع الموازنة واستطرادًا هو الذي يحمل بين يديه "كرة نار" إعادةِ التوازنِ إلى مالية الدولة، وهو الذي يعيدُ العافية إلى خزينة الدولة.

الوزير علي حسن خليل أنجز موازنة العام 2020، وهو الذي سيتولى الدفاع عنها أمام ​مجلس الوزراء​ وتاليًا أمام ​لجنة المال والموازنة​ وأخيرًا أمام ​مجلس النواب​، لتصدر قانونًا ضمن المهلة الدستورية أواخر السنة.

المطلوبُ الوقوفُ إلى جانبِ "حافظِ الموازنة" لمنع تحميلها بأَثقالِ النفقاتِ غير المجدية.

في هذه الحال، الخطُّ الأحمرُ الوحيدُ الذي يجب ان يُرسَم هو حول الوزير علي حسن خليل لمنع "الخروقات" في بنود الموازنة.