لفت العلامة الشيخ ​علي فضل الله​ في خطبة اليوم العاشر الى أننا "جئنا اليوم لنؤكد انحيازنا لمنطق الحسين، لنعزز منطقَه وحضورَه، ولنعمل أن يكون لنا دورٌ في استمراره"، مؤكدا أننا لن "نكون كالكثيرين من أبناء الكوفة الذين كانت قلوبُهم مع الحسين ولكن سيوفَهم عليه إن هو اقترب من مصالحهم. ستكون قلوبُنا وعقولُنا ومواقفُنا مع نهج الحسين الذي هو نهجُ رسول الله مهما بلغت التحديات وعظمت الصعوبات"، مضيفا: "ومن هنا، أيها الأحبة فإننا لا نريد ل​عاشوراء​ أن تتحول إلى مناسبة في ​السنة​، نعبّر فيها عن عواطفنا ومشاعرنا، نشارك في المجالس ونذرف الدموع ونلطم الصدور وننتهي بانتهائها، بل أن نأخذ من عاشوراء زاداً روحياً ومعنوياً ووعياً، نتزود به كل سنة ونتموّن ونستعين به للعمل على إصلاح واقعنا وسدّ الثغرات التي نعاني منها، ولننتفض على واقع ​الفساد​ كلّه والظلم المستشري فيه، سواء الظلم الداخلي والخارجي، لا نجامل ولا نداري ولا نهادن.. أن نقوم بذلك أفراداً وأمةً وبما نستطيع".

واشار الى ان "عاشوراء تأتي هذه السنة ولا يزال المنطق الذي يحكم عالمَنا هو منطق يزيد، المنطق الذي يقول فيه الكبارُ للشعوب المستضعَفة التي تسعى إلى حريتها: إما أن تُسلّموا او السقوط والحصار والتجويع، ومن يُسلّم فلن يكون حالُه أحسنَ فتُستنزَفَ مواردُه وقدراتُه ويخضعَ للابتزاز. هذا ما يواجهه ​العالم​ُ العربي والإسلامي، ومع الأسف نراه بدلل أن يوحّد جهودَه وطاقاتِه نراه يستنزفُها في الصراعات والانقسامات والفتن، التي تارة تلبس لَبوساً مذهبياً وآخر سياسياً وما إلى ذلك، ما جعل هذه المنطقة ساحةً مفتوحة للتدخلات الخارجية كلها على حساب دولها وشعوبها، ونحن هنا لا نرى خلاصاً لها إلا باستعادة خطوط التواصل فيما بينها، وفتح أبواب الحوار الصادق والشفاف كلها حول نقاط الخلاف كلها لمعالجة الهواجس المتبادلة كلها بما يؤسس لعلاقات عربية إسلامية راسخة وقوية"، مضيفا: "هذا ما نريده في العلاقة مع ​إيران​ التي مدت يدها إلى ​دول الخليج​ وللدول العربية الأخرى، وهو ما نأمل أن يحصل في ​اليمن​ لإنهاء مأساة الشعب اليمن"، مشددا على أن "الأمر نفسه في ​سوريا​ التي أصبحت ساحة من الساحات المفتوحة للمحاور الدولية والقوى الإقليمية التي تتنازع لخدمة مشاريعها، وهو أحوج ما يكون إلى أن تمتد إليه الأيدي لاستعادة وحدته الداخلية، وقطع الطريق على المحاولات المستمرة الرامية لإبقاء هذا البلد في دائرة الاستنزاف وتحت ضغط الدول التي تتحرك في مناطق واسعة من الأرض السورية تحت عناوين متعددة، وهذا ما نريده في ​ليبيا​ و​البحرين​ و​أفغانستان​ و​كشمير​.

وشدد على ان "​فلسطين​ تبقى الشاهد الأبرز على غياب العدالة عن هذا العالم، وعلى غياب الاحتضان العربي لقضيتها، حيث ما زالت إسرائيل تواصل مشروعها العنصري باستكمال سيطرتها الشاملة على ما تبقى من أرض فلسطينية عبر ​سياسة​ ​الاستيطان​، ومواصلة عمليات القمع والإخضاع لما تبقى من شعب فلسطيني في ​الضفة الغربية​ وشن الغارات وإحكام الحصار على غزة، من دون أن تكف عن سياسة انتهاك المقدسات والتهويد في ​القدس​ و​المسجد الأقصى​، غير آبهة بقرارات ​الأمم المتحدة​ و​مجلس الأمن​ كلها، ومن دون أي التفات إلى النداءات الدولية كلها الداعية إلى حل سياسي يحقق ولو الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، بالرغم من أن ​السلطة الفلسطينية​ تنازلت عن الكثير من أرض فلسطين التاريخية في رهان منها على حل الدولتَين من دون أن تلقى أية استجابة إسرائيلية، بل المزيد من الإصرار على استكمال بناء ​الدولة اليهودية​ الكاملة الطامعة ليس في فلسطين فحسب بل في إخضاع المنطقة كلها"، مشيرا الى أنه "أمام هذا الواقع الصعب، فإننا نحيي ثباتَ الشعب الفلسطيني وصمودَه، وندعوه إلى توحيد صفوفه ونبذ مظاهر الانقسام الحالية كلها، ونقول للدول العربية بأن سياسات التطبيع الراهنة، وكما تُثبت الوقائع، لم تؤدِ إلى تشجيع العدو على الموافقة على حل سلمي عادل بل إنها تشكل حافزاً له للمزيد من التمرد على هذا الحل، ما يتطلب مراجعة هذه السياسات وممارسة المزيد من الضغوط على هذا الكيان باعتبارها ​السياسة​ الأكثر جدوى في الحد من الأطماع الإسرائيلية التي لا حدود لها."

واضاف: "أما في ​لبنان​، في الوقت الذي نحيّي فيه المقاومة و​الجيش اللبناني​ على دورهما في رد عدوان ​العدو الاسرائيلي​ وحماية لبنان من كيد هذا العدو، فإننا نتطلّع إلى تحصين مشهد الوحدة الوطنية الذي تجلى فيه خلال مواجهة العدو االاسرائيلي والرد عليه من خلال الجيش والمقاومة، ووحدة الموقف الداخلي الرسمي والشعبي معاً، لمنع العدو من استباحة لبنان مجدداً، ولكي يبقى البلد في مأمن من اختراقات العدو واعتداءاته"، لافتا الى اننا "في الوقت نفسه نتطلع إلى الخروج من النفق المظلم على الصعيد الاقتصادي المالي الخطير الذي يعيشه هذا البلد، فإننا مع كل خطة اقتصادية إصلاحية تَحُول دون الانهيار على ألا تكون على حساب الطبقات الفقيرة، ونريد لهذا الشعب أن يؤدي دورَه المطلوب منه في ممارسة ألوان الضغوط كلها على المسؤولين حتى ننتهي من ​منظومة​ النهب الهدر والفساد التي أوصلت البلد إلى حافة الانهيار"، مضيفا: " لقد أُريد من هذا البلد أن يبقى ساحة للصراع بين الطوائف والمذاهب تحت عناوين حقوق هذه الطائفة أو تلك، ونحن نريده أن يكون دولة المواطنة القائمة على حفظ حقوق جميع أبنائها، وأن يكون النموذج الذي يحمل إلى العالم رسالةً روحية تؤكد على قدرة الأديان على التكامل فيما بينها على قاعدة القيم الأخلاقية والإنسانية المشتركة، والتي نريد لها أن تكون ليس فقط هي الحاكمة في العلاقة بين اللبنانيين بل في العلاقة بين الدول والشعوب كلها".