على الرغم من أنّ الإنتخابات التشريعيّة المُبكرة ستجري في ​إسرائيل​ يوم الثلاثاء المُقبل، توجّه رئيس الحكومة الإسرائيليّة ​بنيامين نتانياهو​ إلى موسكو في زيارة ليوم واحد، تهدف إلى مُعالجة قضايا حسّاسة بين روسيا وإسرائيل، مُرتبطة بقضايا المنطقة من سوريا إلى الأراضي الفلسطينيّة. فما هي المَعلومات بهذا الشأن؟.

بعيدًا عن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي التصعيديّة الأخيرة(1) والتي قُوبلت بإدانات عالميّة واسعة، منها من جانب وزارة الخارجية الروسيّة(2)، علمًا أنّ هذه التصريحات تصبّ في خانة إستمالة الناخبين المُتشدّدين للتصويت لصالحه في الإنتخابات التي ستتمّ في 17 من الشهر الحالي، فإنّ علاقة روسيا الإتحاديّة وإسرائيل تقوم على أسس واضحة، وعلى مصالح مُشتركة، على الرغم من أنّ روسيا تقود المحور المُناهض الذي تقوده ​الولايات المتحدة​ الأميركيّة المُتحالفة بشكل كامل مع إسرائيل. وزيارات نتانياهو المُتكرّرة إلى موسكو تهدف إلى البناء على النقاط المُشتركة، وإلى مُعالجة الثغرات والتباينات التي تطرأ بين الطرفين بين الحين والآخر.

وخلال المرحلة الأخيرة وقع أكثر من خلاف بين موسكو وتلّ أبيب نتيجة تكثيف الطيران الإسرائيلي غاراته على أهداف داخل سوريا، بشكل أحرج روسيا وعرّض مصالحها للخطر. إشارة إلى أنّ موسكو تُطالب تل أبيب بوقف الغارات على سوريا، خاصة تلك التي تُهدّد أمن الوحدات العسكريّة الروسيّة المُنتشرة في سوريا، والطائرات الحربيّة الروسيّة التي تعمل في الأجواء السُوريّة أيضًا، بينما تُطالب إسرائيل بقيام روسيا بالضغط اللازم على ​إيران​، للإنسحاب من سوريا، وبوقف بناء قواعد مُسلّحة للحرس الثوري الإيراني ولـ"الميليشيات" المُوالية لإيران، بشكل يُهدّد أمن إسرائيل، ويُحضّر البنية التحتيّة لضربها مُستقبلاً. ويُحاول نتانياهو في كل لقاءاته مع المسؤولين الروس إستغلال التباينات بين موسكو وطهران لتعزيز موقعه، وهو-وبعكس حليفه الأميركي لا يُمانع أن يكون لروسيا الكلمة الفصل على مُستوى الحلّ النهائي في سوريا، بشرط تقليص نُفوذ إيران فيها. ويسعى نتانياهو في كل لقاءاته مع المسؤولين الروس أيضًا إلى عقد تفاهمات مع روسيا على حساب إيران، وهو مُستعدّ لتقديم تنازلات عدّة على غير صعيد، تبعًا لمدى إستجابة موسكو مع طلبه الأساسي المُتمثّل بمنع تحوّل الأراضي السُورية إلى قاعدة عسكريّة أماميّة إيرانيّة.

وليس بسرّ أنّ علاقة موسكو وطهران مرّت خلال السنوات القليلة الماضية بهبّات مُختلفة، صعودًا ونزولاً، نتيجة عمل الدولتين في ساحة قتال واحدة، علمًا أنّ كل طرف سعى جاهدًا للإمساك بالورقة السُوريّة لإستغلالها في الدفاع عن مصالحه في المنطقة، الأمر الذي تسبّب بأكثر من مُناوشة ميدانية بين الطرفين، والأهم بأكثر من خلاف سياسي–ولوّ أنّ مُعظم هذه الخلافات بقيت بعيدة عن الإعلام، حفاظًا على مصالح المحور المُشترك الذي تنتمي كلّ من روسيا وإيران إليه. وتواجه روسيا في مجلس الأمن وعلى المُستوى ​العالم​ي، كل المُحاولات الأميركيّة والإسرائيليّة لشيطنة إيران، وهي تُصرّ على أنّ الأخيرة لا تُشكّل تهديدًا للعالم، وتُطالب بالتالي بوقف الضُغوط عليها، وبرفع الحصار الإقتصادي عنها. لكن في الوقت عينه، تغضّ روسيا الطرف عن الضربات العسكريّة الإسرائيليّة ضُدّ أهداف تابعة مُباشرة لإيران في سوريا، أو تابعة لمجموعات مُسلّحة مُدرّبة ومُسلّحة ومُموّلة من طهران.

وبحسب خلاصات رأي أكثر من خبير دَولي مُتخصّص بشؤون الشرق الأوسط، فإنّ إسرائيل مُستعدّة للمُقايضة مع روسيا في ما خصّ أكثر من ملفّ مُرتبط بالعلاقات الثنائية بين موسكو وتل أبيب، وكذلك في ما خصّ النُفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط، وحتى في عمليّة السلام والقضيّة الفلسطينيّة، وذلك بشرط عدم وضع أي قُيود جديدة على قُدرة إسرائيل على التحرّك عسكريًا على الساحة السُوريّة، لا سيّما لجهة الإستمرار في شنّ الغارات والضربات الصاروخيّة بدون تدخّل روسي إعتراضي، في إنتظار التوصّل إلى حلّ نهائي للحرب السُوريّة.

في الخُلاصة، هل سينجح نتانياهو بكسب الإنتخابات التشريعيّة المُبكرة، عبر إستمالة شرائح واسعة داعمة له ولحزبه، إضافة إلى الناخبين المُتشدّدين، بالتزامن مع حفاظه على علاقاته الجيّدة مع روسيا، وبالتالي على قُدرته على التحرّك بحريّة مقبولة ضُد إيران وجماعاتها على الأراضي السوريّة؟ أم أنّ قُدرة نتانياهو على المُضيّ قدمًا بهذه المُناورات ستتقلّص، ولن يكون قادرًا بعد اليوم على عقد المزيد من التفاهمات مع روسيا على حساب إيران؟ المُستقبل القريب سيحمل الإجابات الحاسمة...

(1) أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أنّه عازم على ضم "غور الأردن" في حال فوزه في الإنتخابات، بحجّة حماية أمن إسرائيل.

(2) أبدت ​وزارة الخارجية الروسية​ قلقها من خُطط رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، ورأت أنّ تنفيذها يُمكن أن يُؤدّي إلى تزايد التوتّر بشكل حاد في المنطقة، ويُقوّض آمال التوصّل إلى سلام.