يتحدث مسؤولون ​لبنان​يون عن 136 معبرا غير شرعي على حدود لبنان الشمالية مع ​سوريا​، وهم يعلمون بأن هذا الرقم يعود الى العام 2018 وبأنه تبدّل وتغيّر، ولكنهم رغم ذلك يصرون على ذكره كلما سنحت لهم الفرصة، محملين مسؤولية هذه المعابر الى وزير الدفاع ​الياس بو صعب​ أو ​حزب الله​، او الاثنين معا.

في العام 2018 أعدّ جهاز أمن الدولة تقريرا يتضمن تفاصيل المعابر غير الشرعية وعددها 136 تضم حوالي 30 معبرا كان قد أُقفل عند إعداد التقرير، وحوالي الـ50 معبرا مخصصة للسير على الأقدام او تضم سواتر ترابية مخصصة لسير الدراجات النارية. عُرض هذا التقرير على ​المجلس الاعلى للدفاع​ في جلسته في بداية شهر آب الماضي، فأبلغ قائد الجيش ​جوزاف عون​ المعنيين على الطاولة بأن التقرير يحتاج الى تجديد فالأمور على الحدود اختلفت بشكل جذري بين العام 2018 والوقت الحالي، خصوصا بعد اجراءات ​الجيش اللبناني​.

استكمل وزير الدفاع بحثه مع قائد الجيش ومدير عام جهاز أمن الدولة لتجديد اللائحة، والاهم إزالة صفة "معبر غير شرعي" على كل نقطة تخصص لمرور الأشخاص، وانتهى العمل بها منذ أيام، ليتبين وجود 8 الى 10 معابر فقط يجب العمل على ضبطها وإقفالها لمنع تهريب البضائع. في هذا السياق تشير مصادر مطلعة الى أن أبرز ما يتم تهريبه عبر هذه المعابر هي منتجات الخضار، الالبسة التركيّة، والتبغ، لافتة عبر "النشرة" الى أن التهريب يتم بطريقتين، الاولى دخول الشاحنات المحمّلة بالبضائع المهرّبة الى لبنان وتفريغها في مستودعات خاصة، ومن ثم نقلها الى الأسواق بواسطة المشتري لها، وإما تفريغ الشاحنات في الجانب السوري ونقل البضائع الى لبنان عن طريق الدراجات الناريّة التي تنقل البضائع برزم صغيرة وتجمعها في المستودعات داخل الأراضي اللبنانية.

وتضيف المصادر: "بالنسبة الى تهريب الخضار فالأمر لا يحتاج معابر غير شرعية اذ يمكن لذلك أن يحصل في المناطق المتداخلة بين لبنان وسوريا على الحدود، اذ أن قرية القصر مثلا تتميز بجغرافية خاصة تجعلها بقسم منها داخل الأراضي السورية، وهذا ما يسهل انتقال الخضار وغيرها من المنتجات"، مشيرة الى أن بعض المعابر هي عبارة عن تلّة من التراب التي ينتقل عبرها سائقو الدراجات النارية من ضفة الى أخرى، مشددة على أن الجيش قام أكثر من مرة بإزالة "التراب" ولكن من يمتهنون التهريب يعيدون الأمور الى ما كانت عليه فور مغادرة الجيش للمكان.

تريد المصادر من هذا السرد إظهار وجود أنواع مختلفة من المعابر، منها ما هو واضح ومعروف ومنها ما هو مُبتكر، على طول الحدود، الأمر الذي يجعل إقفال الحدود بشكل كامل بحاجة الى معجزة لم تتحقق بعد في أقوى دول العالم ومن ضمنها الولايات المتحدة الأميركية. وتضيف: "استطاع الجيش خلال 3 سنوات منع تسلل 25 ألف سوري الى لبنان في منطقة "الصويري" قرب "المصنع"، وتمكّن من إقفال عشرات المعابر بشكل كامل عبر الأبراج التي شيّدها بالتعاون مع دول اوروبية أبرزها بريطانيا وعددها 74، ولكنه لن يتمكن من تحقيق المزيد بحال لم يُمدّ بالموارد اللازمة، وبحال لم يتم التنسيق بين اللبنانيين والسوريين".

وضع بو صعب الحريري وكل المعنيين في هذا الملف بأجواء المستجدات في لقاء السراي الحكومي، وشدّد على أهمية وقف التهريب، والتهريب عبر المعابر الشرعية والذي يقدّر بنحو مليار و750 مليون دولار، بينما لا يتخطى التهريب على المعابر غير الشرعية الـ100 مليون دولار سنويا. وتشير المصادر الى أنّ ما يميّز لقاء السراي الاخير كان الحديث عن رفع الغطاء عن كل المتورطين بالتهريب على المرافىء وغيرها بما في ذلك الامنيين، وذلك ربما يكون الاعتراف الأول بتورّط امنيين، وهذا قد يكون المدخل السليم لمحاربة التهريب.

إن وقف التهريب لا يحتاج لنكايات سياسية بل لقرار سياسي، لأنّ الأجهزة الأمنية التي تقصّر بعملها تتلطّى خلف اللامبالاة السياسية التي تكون عفويّة أحيانا ومقصودة في احيان اخرى، فهل يخرج الملف من البازار السياسي ونشهد حلولا جدية له؟!.