عدوى الإنقسام السياسي والحزبي ليست حكراً فقط على احزاب السلطة او "روما من فوق" على حد تعبير اوساط سياسية بارزة في 8 آذار بل هي تمتد لتشمل البلديات والمخاتير وصولاً الى الاحياء واصحاب المولدات الى داخل العائلة الواحدة وهذا من مفارقات "التركيبة اللبنانية" ان يتم الخلط بين كل الانقسامات السياسية والدينية والحزبية والمذهبية والعائلية لتنتج إنقسامات عصية على الفهم والحل و"الهضم". وتشير الاوساط الى اهمية إعلان وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن امس ومن على طاولة مجلس الوزراء ان الانتخابات في المجالس البلدية المنحلة ستكون في 27 تشرين الاول وانها ستترافق مع إنتخابات في البلديات المستحدثة فقسم كبير من هذه البلديات تم استحداثه بعد اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في العام 2016 ولم تجر فيه الانتخابات حتى اليوم. وتؤكد الاوساط ان رقم البلديات المنحلة والمستقيلة قد يرتفع الى موعد إجراء الانتخابات في 27 من الشهر المقبل لاسباب عدة ومنها: عدم الانسجام بين الاعضاء والصراع الشخصي على النفوذ والبروز وفرملة احدهم لاقتراحات ومشاريع الآخر، بالاضافة الى الصراعات العائلية في بعض البلدات التي تؤيد حزباً معيناً وواحداً. والاهم الخلافات الحزبية والسياسية والتي تنسحب على العدد الاكبر من البلديات المنحلة بفعل الاستقالة وخصوصاً بين الاحزاب الثنائية كحزب الله وحركة امل في بعض بلديات الجنوب والبقاع وبين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والتقدمي الاشتراكي والحزب الديمقراطي وبين تيار المستقبل والعائلات في الشمال والبقاع الاوسط والغربي. وفي كثير من البلديات تركز الخلاف على مبدأ المداورة اي بين الرئيس ونائبه اي اقتسام سنوات الولاية الستة بالتساوي 3 لكل منهما. وحيث لم يلتزم احد الطرفين مثلاً بالمداورة، برزت خلافات ونتج عنها استقالة نصف الاعضاء واكثر ما ادى الى حل المجلس البلدي ووضعه في عهدة المحافظ.

ويقول الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين لـ"الديار" ان عدد المجالس البلدية المنحلة هو حتى مطلع ايلول 41 بلدية وما يقارب 10 بلديات مجمدة او متوقفة عن العمل وقد يزداد الرقم لاسباب عدة وخصوصاً مع تحديد وقت لاجراء الانتخابات الشهر المقبل. ويلفت الى ان اعلان الوزيرة الحسن طبعاً يشمل 17 بلدية مستحدثة لم تجر فيها انتخابات ولو لم تذكر ذلك بتصريحها امس وهذا يعني اننا امام 68 بلدية، ستجرى فيها انتخابات في هذا التاريخ من اصل 1046 بلدية في لبنان وهذا الرقم يُعتبر كبيراً ولا يمكن الاستمرار بشل عمل هذه البلديات كلها.

ويشير شمس الدين الى ان هناك اسباب كثيرة عطلت هذه البلديات وانتاجيتها بسبب عدم التجانس والخلافات ولكن هناك ايضاً خلل في الممارسة فالبلدية ليست قصراً بلدياً ولقاءات عامة فقط والانماء لا ينتهي هنا ودور البلديات كبير وهام وحيوي فالاهم في التركيبة البلدية في الاساس التجانس والعمل وروح الفريق لذلك ما نشهده اليوم هو تعطل لعمل البلديات وحلها وعملياً وبعد الانتخابات الشهر المقبل لا ضمانات بعدم حلها مرة جديدة اذا استمرت الخلافات نفسها داخل المجلس البلدي نفسه، بالاضافة الى التعثر المالي للبلديات بسبب عدم الجباية الصحيحة من البلديات داخل البلدات حيث يعمد المجلس البلدي الى عدم المواجهة مع الاهالي والاقارب في البلدة لابقاء الود قائماً وللاستمرار في البلدية لولاية جديدة بالاضافة طبعاً الى عدم انتظام ورود الاموال من الصندوق البلدي المستقل وعائدات الخلوي.

ويشير شمس الدين الى ان ما يحكى ايضاً عن اعتماد النظام النسبي في الانتخابات البلدية المقبلة سيكون عثرة كبيرة امام البلديات والتي ستكون مجالسها عبارة عن مجلس واحد من لوائح متعددة وبعكس النظام الاكثري والذي قد يأتي من لائحة واحدة. وهذا ما يعزز فرضية التفجير من داخل البلدية واستقالتها وحلها لذلك يجب ان تكون دراسة القانون الانتخابي الجديد للبلديات علمية ومتأنية.

في المقابل تؤكد اوساط واسعة الاطلاع ان هناك طرحاً يجري العمل عليه وإقراره على "نار هادئة" لتمديد ولاية البلديات من العام 2022 الى 2023 لعام واحد، حتى لا تتزامن مع الانتخابات النيابية المقبلة في 2022 والتي لن تتأجل وسيكون هناك انتخابات رئاسية ايضاً لذلك "يطبخ" الموضوع بهدوء ومن الآن وحتى لا تكون الامور متروكة الى اللحظة الاخيرة .