لماذا في عيد رفع الصليب المُحيي يُطاف به موضوعاً في وسط صينية من الرياحين؟

من التقاليد الخاصّة بعيد رفع الصليب في ​الكنيسة الأرثوذكسية​، أن يوضع الصليب المقدس وسط صينية مفروشة بالورود والرياحين، وتُغرس فيها ثلاث شموع مضاءة، وفي نهاية القداس الالهي يحملها الكاهن فوق رأسه ويطوف بها ثلاث مرات في الكنيسة بين المؤمنين، ثم توضع أمام الباب الملوكي، وعندئذٍ يصير طقس السجود للصليب الكريم، حيث يحمل الكاهن الصينية بيديه وينحني بها تدريجياً وببطء الى الأرض ثم يستقيم بها وينهض ببطء، ويجري ذلك مع ترديد المؤمنين مئة مرّة لعبارة "كيرياليسون" ((يا رب ارحم)) وهذا الفعل الليتورجي يتكرّر أربع مرّات، حيث في كلّ مرة يقف الكاهن في جهة مختلفة من جهات الطاولة مُحيطاً بها من جهاتها الأربعة، ثم يضع الصينية عليها، ويسجد الكاهن مع الشعب الى الأرض مرتّلين:" لصليبك يا سيدنا نسجد، ولقيامتك المقدسة نمجّد"... وفي الختام يتقدّم المؤمنين لتقبيل الصليب المقدس الذي في يد الكاهن، وهو بدوره يُعطي لكل واحدٍ منهم زهرة أو غُصنَ ريحان.

1- الشموع الثلاثة التي تتوسّط صينية الزهور ترمز الى الأقانيم الثلاثة (الآب والابن والروح ​القدس​)، وذلك يشير الى أن سرّ الفداء وتدبير الخلاص هو عملٌ ثالوثي، وهذا السرّ الخلاصي كان مكتوماً منذ الأزل (أفسس 3: 9) و (كولوسي 26:1) وقد تمّ استعلانه وتحقيقه في حيِّز التاريخ والزمن بموت ​المسيح​ على الصليب في الجلجلة خارج أسوار أورشليم في عهد الوالي الروماني بيلاطس البنطي.

2- الطواف بالصليب في كل أرجاء الكنيسة يُشير الى أن موت المسيح الخلاصيّ على الصليب يشمل البشرية كلّها في كل زمانٍ ومكان، والكرازة بموته وقيامته منتشرة في كل ​العالم​، كما ويُشير الى أن ذخائر عود الصليب المقدس موزّعة وموجودة في كل أصقاع الأرض.

3- انحناء الكاهن التدريجي بالصليب نحو الأرض دون أن يلامس الأرض ونهوضه التدريجي، يُشير الى أنّ عود الصليب كان مدفوناً في الأرض ومحجوباً فيها، الى أن تمّ التنقيب عنه والعثور عليه في أورشليم بمسعى الملكة هيلانة عام 326م وجرى اخراجه من تحت الأرض ورفعه وسجود المؤمنين له.

4- استعمال نبات الريحان (الحَبَق) يُشير الى ما يتناقله التراث الشعبي ويرويه التقليد الأرثوذكسي عن أنّ هذا النبات كان ينمو فوق الموضع الذي تمّ الحفر فيه حيث عُثر على عود الصليب المقدس.

5- توزع الرياحين والزهور على المؤمنين تذكاًرا لكل منهم بأن الصليب في حياته يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقيامة والمجد، حيث أن الألم والموت مع المسيح يُزهران فرحاً وحياةً ومجداً وقيامة.

رئيس قسم الإنتاج في المركز الإنطاكي الأرثوذكسي للإعلام ​الأب أثناسيوس شهوان