ما زال لغز وفاة الفرعون المصري ​توت عنخ آمون​ يحيّر علماء المصريات ويدفعهم لإجراء مزيد من الفحوصات على ​مومياء​ «الملك الذهبي» التي يزيد عمرها على 3300 سنة، لمعرفة سبب وفاة الفرعون الذهبي في سن صغيرة، حيث سيبدأ علماء المصريات مشروعاً جديداً لفحص المومياء، تُعلن نتائجه العام المقبل. وأعلن الدكتور زاهي حواس، وزير ​الآثار​ الأسبق وعضو اللجنة الدائمة للآثار المصرية بوزارة الآثار، في تصريحات للتلفزيون الإيطالي، أمس، إن «العام المقبل سيشهد الإعلان عن السبب الحقيقي لوفاة توت عنخ آمون، بعد إجراء فحوصات جديدة على موميائه بمقبرته بوادي الملوك بالبر الغربي بالأقصر (جنوب مصر).

وأوضح حواس لـصحيفة "الشرق الأوسط"، أن «الفحوصات ستبدأ الشهر المقبل، وستتم باستخدام جهاز جديد ثمنه يصل إلى 250 ألف دولار أميركي، لمعرفة السبب الحقيقي وراء وفاته، وهل تعرض لالتهاب نتيجة كسر بقدمه، أم أن هناك سبباً آخر»، مشيراً إلى أن «الفحوصات السابقة للمومياء أظهرت أن توت عنخ آمون كان يعاني من مرض القدم المسطحة (فلات فوت)، وكان الدم لا يصل إلى أطراف أصابع قدمه، كما أنه كان مصاباً بالملاريا».

وداخل مقبرة توت عنخ آمون، عثر علماء الآثار على عدد كبير من العصيّ التي كان يستخدمها توت عنخ آمون للاتكاء عليها في أثناء المشي، «بلغ عددها 130 عكازاً»، حسب حواس الذي قال إن «الفرعون صنع إحدى هذه العصيّ بنفسه، وكان يصطاد وهو جالس، وأظهرت الفحوصات وجود كسر في قدمه قبل يومين أو ثلاثة من وفاته»، مرجحاً أن «يكون توت عنخ آمون قد توفي وهو يقود عجلته الحربية متأثراً بهذا الكسر».

وعلى مدار السنوات الماضية حاول العلماء كشف غموض وفاة توت عنخ آمون، ومن بينها محاولة لعالم الآثار الإنجليزي هاريسون، الذي حصل على عينات من مومياء الملك الشاب، بطريقة «غير شرعية»، وأجرى فحوصات عليها، كانت نتيجتها أن «توت عنخ آمون مات محروقاً»، وهو ما نفته الدراسات التي أجراها حواس وفريق من العلماء المصريين بعد ذلك، وأوضح حواس أن «توت عنخ آمون لم يمت محروقاً، لكن مكتشف مقبرة الفرعون الذهبي عالم الآثار الإنجليزي هيوارد كارتر قام بحرق المومياء الملكية من أجل نزع القناع الذهبي عنها، وهو ما أثّر على المومياء».

ويجوب بعض مقتنيات توت عنخ آمون بعض المدن ​العالم​ية حالياً، في معرض خارجي، قيل إنه «الأخير لمقتنيات الملك الشاب خارج مصر»، حيث من المقرر أن تُعرض كاملة في ​المتحف المصري​ الكبير المزمع افتتاحه في الربع الأخير من العام المقبل، وحقق معرض توت عنخ آمون في العاصمة الفرنسية ​باريس​ رقماً قياسياً في عدد زوار الأنشطة الأثرية والثقافية في ​فرنسا​.

وكشف حواس إن «معرض توت عنخ آمون بباريس، الذي بدأ في آذارالماضي وينتهي في 22 من الشهر الجاري، زاره مليون ونصف المليون زائر، وهو أكبر عدد زوار في تاريخ المعارض الأثرية في فرنسا». وأضاف أن «قصة توت عنخ آمون تجذب العالم وتدفع العلماء للبحث فيها، ومن خلال هذه الدراسات عرفنا عائلة الفرعون الذهبي، وأن والده كان الملك إخناتون، وعثرنا على مومياء والدته في المقبرة رقم 35، كما كشفنا عن السيدة الكبيرة (تي) في نفس المقبرة».

واستغلالاً لحالة الشغف بتوت عنخ آمون، ونظراً لأن آثار الملك الشاب ستكون المعروضات الرئيسية بالمتحف المصري الكبير، تستعد مصر لتقديم أوبرا جديدة تحكي قصة حياة توت عنخ آمون في افتتاح المتحف، الذي «سيستمر على مدار 10 أيام، تُعرض خلاله أوبرا توت، ويخصص دخلها لصالح المتحف الكبير»، حسب حواس.

ويأتي فحص مومياء توت ضمن مشروع لفحص المومياوات الملكية باستخدام الحمض النووي (DNA)، بدأ عام 2006 برئاسة حواس، الذي أجرى فحوصات على المومياوات الملكية ومن بينها مومياء توت عنخ آمون.

وذكر حواس إن «مصر لديها معملان لفحص المومياوات باستخدام الحمض النووي، أحدهما داخل المتحف المصري بالتحرير، والثاني في متحف الحضارة، يعمل فيهما فريق من العلماء المصريين المتخصصين»، مشيراً إلى أنه «تم أخيراً إجراء فحوصات على المومياوات الملكية الموجودة بالمتحف المصري بالتحرير استعداداً لنقلها إلى متحف الحضارة».