عندما زار رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ ​مرفأ بيروت​ مدافعاً بشراسة عن اللجنة الموقتة للمرفأ، إعتقد البعض أن دفاعه كان كافياً لرسم خط أحمر حول اللجنة المذكورة وإقفال ملفها المفتوح من قبل أكثر من جهة سياسية، غير أن المتابعين لهذا الملف يؤكدون بما لا يقبل أن قوننة الوضع الشاذ في المرفأ البيروتي لا تزال مطروحة على طاولة البحث، وحتى أن رئيس ​التيار الوطني الحر​ وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ وبتوجيهات من ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​، بحث ملف اللجنة مع الحريري حين التقاه في الآونة الأخيرة، كل ذلك إنطلاقاً من الأرقام المالية التي تم كشفها في المرفأ، ومنها كيف انها في العام ٢٠١٢ لم تحوّل الى الخزينة العامة دولاراً واحداً، علماً أن التجارة في العام المذكور كانت مزدهرة ولبنان لم يتضرر وقتذاك من الحرب السوريّة التي لم يكن قد مر على إنطلاقاتها أكثر من سنة واحدة.

وضمن إطار الأرقام المالية الفاضحة المكتشفة في عمل اللجنة، بلغت قيمة الإيرادات المالية المحوّلة الى الخزينة من مرفأ بيروت منذ العام 2002 وحتى تاريخه 982 مليار ليرة فقط لا غير، أي ما يعادل 651 مليون دولار خلال 17 عاماً! وهو مبلغ قليل جداً مقارنة مع مرفق عام بهذا الحجم. وفي السياق عينه يكشف المتابعون لهذا الملف أن إحصاءات لجنة الأشغال النيابيّة تشير الى أن لجنة المرفأ تجني سنوياً ما لا يقل عن ٦٠٠ مليون دولار ولا تحوّل إلى الخزينة منها إلا الفتات الفتات.

عدم السكوت بعد اليوم عن لجنة المرفأ الموقّتة لا سيما من قبل تكتل لبنان القوي وكتلة ​حزب الله​ النيابية، ينطلق بحسب المعلومات من مطالعة قانونية تقوم على التالي :

أولاً-اللجنة لا تدخل في أيّ إطار مؤسساتي قانوني وفقاً للقوانين والأنظمة المرعيّة الإجراء، وهي متفلّتة من أيّ رقابة لوزارة الماليّة أو لديوان المحاسبة.

ثانياً-تجبي اللجنة الضرائب وتعدّلها وتحدّثها وهي في نهاية المطاف غير مفروضة بموجب القانون عملاً بالمادتين 81 و82 من الدستور.

ثالثاً-اللجنة الموقّتة للمرفأ تخالف بعملها أيضاً المادة 88 من الدستور، إذ تعقد تعهدات يترتب بنتيجتها إنفاق أموال من الخزينة اللبنانيّة، وتمارس إمتيازاً لمصلحة ذات منفعة عامة خارج أي إجازة تشريعيّة ومن دون الحصول عليها والى زمن غير محدد، ما يخالف نص المادة 89 من الدستور اللبناني.

رابعاً-تتحكم الهيئة إستنسابياً بموارد الخزينة العامة وحقوقها.

إنطلاقاً مما تقدم، يتمسّك تكتل لبنان القوي بإقتراح القانون المقدّم من النائبين حكمت ديب وشامل روكز والرامي الى تسليم إدارة المرفأ لمؤسسة عامة كما هو الحال في مرافئ طرابلس وصيدا وصور، وهنا تكشف المعلومات أن التكتل أبلغ الحريري موقفه هذا إنطلاقاً من أن صلاحية اللجنة المذكورة إنتهت بعد مرور عشرين عاماً على تعيينها بشكل موقّت من قبل مجلس الوزراء.

فهل يجوز مثلاً ألا تتولّى وزارة المال أيّ دور بشأن لجنة المرفأ إلا تسلّم حصّتها من الدخل والبالغة فقط 25% ؟!.

وهل مقبول بعد اليوم مناقضة مبدأ الشفافية وحماية المال العام وكيفية إدارة المرافق العامة بهذا الشكل الفاضح كما هو الحال في مرفأ بيروت؟!.

أسئلة حضرت في لقاءات باسيل والحريري، وفي لقاءات الأول مع قيادات حزب الله، ما يعني أنّ ملف اللجنة لا يزال مفتوحاً وعلى مصراعيه.