من "قدَّاحة" الطاولة إلى غاز المطبخ إلى "صوبيا" التدفئة في الجبال على ​المازوت​ إلى خزانات مازوت ​مولدات الكهرباء​ إلى خزانات ​البنزين​ للسيارات إلى الفيول لمعامل توليد الكهرباء وباخرتي توليد الكهرباء التركيتين إلى وقود الطائرات.

لبنان​ تحت رحمة هذه الأنواع المختلفة من ​الوقود​ التي تُسيِّر يوميات المواطنين.

جاء ضرب منشأتي شركة "آرامكو" ​السعودية​ العملاقة لتجعل كل بلد "بالو بهمُّو": الدول المصدِّرة للبترول تفكِّر في كيفية عدم "قطع السوق"، ستستخدم احتياطها الاستراتيجي، سترتفع الأسعار، ستعوِّض الخسائر الناجمة عن قصف المنشأتين.

الدول المستوردة، ولبنان منها، تفكِّر في كيفية تأمين ​المحروقات​ في ظل الإرتفاع الجنوني المتوقَّع للأسعار: لبنان في هذه الحال يُتوقَّع أن يشهد عدة تحديات:

التحدي الاول: تأمين السيولة لشراء المحروقات: الأسعار سترتفع، ما سيؤدي إلى ارتفاع كلفة الإستيراد، وهذا عبء على المواطن بالدرجة الأولى لأن فاتورته ​النفط​ية سترتفع.

التحدي الثاني: تأمين السيولة من جانب السلطات المعنية لشراء الفيول ل​مؤسسة كهرباء لبنان​.

في ​الموازنة العامة​ للعام 2020، رُصِد مبلغ معيَّن لشراء الفيول... بعد الإرتفاع الحتمي للأسعار، كيف ستواجه ​الحكومة​ هذا التحدي. أصلاً هل هم مُدركون خطورة الوضع وعادوا الى تحليل أرقام موازنة 2020 على أساس المُستجد، والأهم هل بقدرتهم أخيرا وقف الهدر فعلاً واعادة المال المنهوب.

أما التحدي الأكبر فيتمثَّل في الإشكالية التالية:

المواطن يدفع بالعملة اللبنانية لشراء المحروقات.

الشركات تدفع ب​الدولار​ لاستيراد المحروقات.

الشركات لا تستطيع تأمين الدولار لاستيراد المحروقات.

الشركات تراكم الأموال بالعملة اللبنانية من دون ان تستطيع شراء الدولارات خصوصًا أنه أصبح هناك سعران للدولار: السعر الرسمي "النظري" الذي لا يلتزم احدٌ به، والسعر العملي الحقيقي المتداول في الأسواق والذي يتجاوز أحيانًا الـ 1560 ليرة للدولار الواحد.

السؤال الكبير هنا:

مَن يتحمَّل مسؤولية هذه الفوضى في الأسعار؟ هل من جواب لدى السلطات النقدية وتحديدًا حاكم ​مصرف لبنان​؟

وُصدقاً هل هو قادر على ضبط السوق؟

لماذا لا يحرِّك النيابات العامة؟

أسئلة كثيرة وكبيرة لا بد من الإجابة عنها، لأن الوضع لم يعد يُطاق خصوصًا ان المواطن يئن ولا أحد ينظر إليه.

***

الأزمة الراهنة لا أحد يتوقَّع أن تنتهي في أيام بل هي تحتاج إلى شهور أي ان لبنان سيمضي الخريف والشتاء، مع ما يعني ذلك من استهلاك المحروقات، في ظل هذه الأزمة، وشواهد التاريخ والأمثلة على ذلك كثيرة:

أزمة النفط 1973 أو صدمة النفط الأولى بدأت في 15 تشرين الأول 1973، عندما قام أعضاء منظمة ​الدول العربية​ المصدرة للنفط (أوابك)، بإعلان حظر نفطي "لدفع الدول الغربية إلى إجبار دولة العدو ​إسرائيل​ على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة في ​حرب 1967​"، وأعلنت "أوابك" أنها ستوقف إمدادات النفط إلى ​الولايات المتحدة​ والبلدان الأخرى التي تؤيد إسرائيل في صراعها مع سورية ومصر والعراق، كانت هذه الشرارة الثانية ضد الدول المصدرة للنفط بعد الشرارة الأولى التي اندلعت مع تأميم النفط، في خمسينيات القرن الماضي، حينها تم تصنيف

النفط ليس سلعة اقتصادية فقط، بل سلاحاً في ​السياسة​ الدولية استمر العمل به حتى وقتنا الراهن.

***

في مطلع القرن الحالي، وتحديدًا في أواخر العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، تسببت ​الأزمة المالية العالمية​ في عام 2008 في نشوء مضاربات جنونية على أسعار النفط في الأسواق الدولية الأمر الذي وصل بسعر البرميل إلى 147 دولاراً، وهو أعلى مستوى له في تاريخ النفط.

***

مسؤولينا قلباً وقالباً... لبنانُ يغرقُ في خضمِ هذه التطوراتِ، الوطن بحاجةٍ الى ضمائر المسؤولين، ليواكبوا هذه المرحلة الخطيرة جداً.

أما الهادرون والفاسدون فقد تكونُ تلكَ المحطةُ ذات فائدةٍ أكثر بكثير لهم.