في مشهد تكرر ولأكثر من مرة خلال العامين الفائتين، من المتوقع أن تشهد بلدة ​عرسال​ مجدداً في الأشهر الأخيرة من العام ٢٠١٩ تحركاً ضد ​النازحين السوريين​ الذين باتوا يشكلون عبئاً إقتصادياً وإجتماعياً، ما من أحد من أهالي البلدة الحدودية قادر على تحمّله. أكثر ما يزعج أهالي عرسال بحسب المصادر المتابعة هي منافسة السوريين لهم على سوق العمل إن على صعيد اليد العاملة وإن على صعيد المحال التجارية التي فتحها النازحون وأسعارها أقل بكثير من تلك التي يملكها لبنانيون على إعتبار أن النازح يقبل بربح أقل من التاجر اللبناني المثقل ب​الضرائب​.

لماذا اليوم وفي هذا الظرف بالذات؟ تجيب المصادر العرسالية البارزة "لأننا كنا نراهن على مغادرة عدد كبير من النازحين البلدة بعدما أصبح واضحاً أن ​الحرب السورية​ إنتهت بنسبة ٩٥٪‏ ولكن بعد تجميد المبادرة الروسية الهادفة الى إعادة العدد الأكبر منهم الى أراضيهم، وبعدما تبين أن عدد الذين عادوا طواعية بالطريقة التي ينظمها ​الأمن العام اللبناني​ لم يتخطَّ الـ١٧٠ ألف شخص فقط في كل لبنان، أصبح من الضروري التحرك من جديد لأن وضع عرسال التي تستقبل حوالي ما يزيد عن ٥٠٠٠٠ نازح مختلف عن وضع أي بلدة لبنانية أخرى".

أما الهدف من التحرك فهو إطلاق صرخة بوجه المسؤولين، للبدء بإعادة النازحين المنتشرين في عرسال وبأعداد لا يمكن لبلدة أخرى أن تتحملها الى قراهم وبلداتهم السورية التي أصبحت بمعظمها آمنة. القيّمون على تحرك المجموعة العرسالية، يتمنون على ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ ورئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ ورئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ أن يحددوا مواعيد لهم. المجموعة العرسالية التي تتحد ضد النازحين ستشرح قريباً للرأي العام، مدى الضرر الإجتماعي والإقتصادي الذي لحق بالبلدة، من جراء العدد الكبير للنازحين، وكيف إنعكس هذا الضرر على أهالي البلدة الحدودية، التي عانت ما عانته من حرمان قبل النزوح، وكيف أن وضعها مع النازحين لم يعد يطاق.

وفي هذا السياق، يقول مصدر في المجموعة العرسالية المذكورة، "إذا كان البعض داخل عرسال مستفيداً من ملف النزوح، إما بتأجير أرضه للمخيمات، وإما بالعمل مع ​الأمم المتحدة​ والإستفادة مادياً لذلك لا يحرك ساكناً حيال هذا الملف، فنحن سنكشف وبالأرقام أن هذا البعض المستفيد لا يشكل سوى قلة قليلة من أهالي البلدة بينما تدفع الأكثرية الساحقة من السكان ثمن إستضافة حوالى ما يزيد عن ٥٠٠٠٠ شخص".

تعلق هذه المجموعة العرسالية آمالاً كثيرة على رئيس الجمهورية الذي لا يفوّت مناسبة إلا ويتحدث فيها عن ضرورة عودة النازحين الى بلادهم وكذلك على رئيس الحكومة الذي سبق له أن تبنى موقف الرئيس عون، وإذا كانت هناك إستحالة بإفراغ عرسال من جميع النازحين المقيمين فيها دفعة واحدة، يأمل المعترضون على بقائهم بعددهم الحالي، أن تثمر صرختهم تخفيضاً للعدد الموجود بنسبة تقارب الخمسين في المئة، وذلك إما عبر تأمين نقلهم الى الداخل السوري بالتنسيق مع الأمم المتحدة و​الصليب الأحمر الدولي​، وإما عبر توزيعهم على مخيمات أخرى في الداخل اللبناني، وفي هذا السياق، يؤكد مصدر في المجموعة العرسالية المعترضة أنه "وبمجرد وقف الأمم المتحدة دعمها لهؤلاء سيغادر العدد الكبير منهم وخصوصا من يعيش على هذه المساعدات ويستفيد منها لدرجة أنه بات يتاجر بها ويبيعها الى آخرين ".

أكثر ما يحرص عليه المعترضون هو عدم تفلت الوضع وعدم التعدي من جديد على المحال التي فتحها السوريون أو على دراجاتهم النارية، لأن الهدف هو إيصال الرسالة بحضارة ورقي لا بالإعتداء على السوريين. فهل تبقى الأمور تحت السيطرة؟.