في الأيام ال​لبنان​ية في العاصمة الفرنسية، ومع لقاءات الأليزيه وخارج الاليزيه، كم مرة استُعمِلَت كلمة "إصلاحات" سواء في البيانات الرسمية أو التصريحات أو الحوارات في الغرف المغلقة؟

"ليعلَم الجميع أن لا أموال، سواء أكانت هباتٍ أو قروضًا، ما لم تسبقها الإصلاحات".

هذا هو فحوى كل ما قيل، أما الباقي فتفاصيل.

وهذا ما يجب ان يعرفه المسؤولون على أي مستوى كانوا، أحبُّوا ذلك أم لم يُحبوا، أعجبهم ذلك أم لم يُعجبهم.

***

أكثر من ذلك، الإصلاحات باتت مشروطة بتطبيقها وفق جدولٍ زمني تضعه الدول المانحة والمُقرِضة، فعلى سبيل المثال لا الحصر:

هناك قرابة المليار ونصف مليار دولار قروض من "سيدر" باتت مؤمَّنة، وستجتمع اللجنة اللبنانية الفرنسية المشتركة في تشرين الثاني المقبل للبحث في كيفية صرفها، لكن قبل الإجتماع وقبل الصرف، يُفترض بالجانب اللبناني ان يكون حاملًا معه "الأوراق الثبوتية" المطلوبة، ومن أبرزها:

الموازنة​ العامة للعام 2020 بعد إحالتها من ​مجلس الوزراء​ إلى مجلس النواب، وتكون في مرحلة درسها في مجلس النواب، على ان تكون مرفقة بقطع الحساب، والجانب الفرنسي سيطَّلِع على تفاصيل الموازنة، وما ستتضمَّنه من إصلاحات، قبل ان يُعطي ​الضوء​ الأخضر لبدء صرف اموال ​القروض​.

***

ماذا يعني كل ما سبق؟

يعني بالدرجة الأولى أن الوقت بات ضيقًا لا بل يمكن القول إن الوقت أصبح "نادرًا" مثله مثل ​الدولار​ الأميركي حيث لم يعد من السهل الحصول عليه.

ويعني بالدرجة الثانية ان على ​الحكومة​ ان تكون أنجزت حتى موعد اجتماع اللجنة المشتركة: الموازنة والحد المطلوب من الإصلاحات، وإذا لم تكن قد حققت هذه الإنجازات في غضون شهر، وتحديدًا حتى تشرين الثاني، فلا مال ولا مَن يموِّلون، ولا قروض ولا مَن يُقرضون، ولا منح ولا مَن يمنحون، إذًا لديهم مهلة جديدة وقصيرة جدًا، ويجب ان يقدِّموا ما هو مطلوب منهم، في غضون شهر، أي قبل الوصول الى الموعد المحدد.

***

بالإضافة إلى الشرط المالي والشرط الإصلاحي، هناك شرط تضعه الدول المانحة والمُقرضة، وهو ان ينأى لبنان بنفسه عن تطورات المنطقة وعن احداثها وان يلتزم بتطبيق قرار ​الأمم المتحدة​ الرقم 1701، فهل سيستطيع لبنان إلتزام هذين الشرطين؟

رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ سيلقي كلمة لبنان في الامم المتحدة غداً الاربعاء، وسيكون هناك تشديد على تطبيق القرار 1701، وهذا التشديد سيكون أمام الدول الملتزمة مقررات "سيدر"، فهل ستكون الكلمة في نيويورك كافية؟

***

حتى موعد اجتماعات باريس في تشرين الثاني المقبل، سيكون هناك شهرٌ عصيبٌ على لبنان، وقد بدأت طلائع قساوته، على كل المستويات، تظهر على جميع الناس والقطاعات.