لم يعد اللبناني يعرف من أين تأتيه الضربة... ولم يعد يعرف مَن يريد أن "يقضي عليه"... المواطن مسكين، تنخره الإشاعات، و"ما في شي ماشي معو" كما يُقال بالعامية... كل ما يعرفه أن الضربات باتت تسقط على رأسه من كل حدب وصوب، ولا يعرف كيف يصدها؟

***

أسماء تأتي واسماء تروح... عناوين تذهب وعناوين تحل محلها، والسؤال لدى اللبناني هو: "غدًا ماذا؟ وغدًا إلى أين"؟

يستفيق اللبناني على إسم "بيلينغسلي" (مساعد وزير ​الخزانة الأميركية​)

ليغفو على إسم "دوكان" المكلف ملف متابعة "سيدر"

وبين الغفوة والإستفاقة، تتكدَّس في ذهنه الأسئلة:

"دولار أو لبناني"؟

صرَّاف أو ATM؟

حساب في البنك أو "خلّي منزلك عبَّك"؟

***

رجاءً، لنتفق على أمرٍ بسيط ! لا تُعطوا أسبابًا تخفيفية لِما يجري.

حتى في عزِّ الحرب لم يكن لدى اللبنانيين هذا الكمّ من المخاوف والهواجس.

لدى اللبناني إستحقاقات ب​الدولار​، فيتم الدفع له باللبناني، وحين يحاول ان يحوِّل عملة من اللبناني إلى الدولار تكون التسعيرة مرتفعة لدى الصيارفة وتكون غير متوافرة لدى بعض المصارف! فماذا يفعل اللبناني في هذه الحال؟

الصرّاف أمامه والمصرف وراءَهُ، فمن أين المفرّ؟

***

وفي خضم هذا الضياع تتوارد عليه ​الأخبار​ من سيئ إلى أسوأ:

ف​اللبنانيون​ سبقوا المسؤولين في موضوع كشف الفساد، فمن العاصمة الفرنسية، على سبيل المثال لا الحصر، تتوالى المعطيات عن أن جهات لبنانية من المعنيين بمتابعة ملف الفساد، قد أعدوا ​تقارير​ إلى المسؤولين الفرنسيين المعنيين بمتابعة مقررات "سيدر" وتركِّز هذه التقارير على وجوب ​مكافحة الفساد​ قبل أي شيء آخر.

***

أما لجهة المسؤول الأميركي "بيلينغسلي" فالموضوع أقسى بكثير، فهو في إجتماعه مع ​المصارف اللبنانية​ كان كلامه واضحًا جدًا لجهة ملف القواعد والمعايير العالمية لمكافحة تبييض ‏الأموال و​تمويل الإرهاب​، وهذا ما يستدعي وجوب متابعة الجهود حرصاً على مصلحة قطاع المصارف، ومن هذا الباب أكد موقف بلاده ‏الداعم للإقتصاد اللبناني، ولا سيما منه ​القطاع المصرفي​.

وترددت معلومات ان المسؤول الاميركي أبلغ الى المصارف ‏اللبنانية ضرورة تخلُّصها من "الودائع غير النظيفة" من دون ان يحدِّد ماهيتها، المصارف بدورها أعلنت انها ستعمل ‏على متابعة الموضوع، مع إعتماد أعلى معايير الامتثال حماية لعلاقاتها بالمصارف المراسلة وحماية للقطاع المصرفي ‏والمودعين وهذا ما إستحوذ على إشادة المسؤول الأميركي الرفيع.

ماذا يعني كلُ ذلك؟ بالنسبةِ إلى المواطنِ اللبناني العادي فهو لا يجرؤُ على قولِ "فول" إلا بعدَ ان يتأكدَ أنه أصبحَ في "المكيول"، وحتى الساعة لم يرَ شيئًا، وإستطرادًا فهو معذورٌ حين يقولُ للمسؤولين:

"هاتوا أفعالَكم لأصدِّقَ لأنني لم أعدْ أُصدِّقُ الأقوال".