في ظل تدهور الأوضاع على مستوى منطقة الشرق الأوسط، راهن البعض على إحتمال بسيط بحصول لقاء بين الرئيسين الأميركي ​دونالد ترامب​ وال​إيران​ي ​حسن روحاني​، على هامش إجتماعات الجمعيّة العامة للأمم المتحدة، الأمر الذي لم يكن متوقعاً إلى حدّ بعيد، في ظل رفض طهران أيّ تفاوض مع واشنطن قبل رفع العقوبات الإقتصاديّة.

بالتزامن مع هذا الواقع، جاء إعلان رئيسة مجلس النواب الأميركي ​نانسي بيلوسي​، فتح تحقيق رسمي بهدف عزل ترامب، المشتبه بانتهاكه الدستور عبر السعي للحصول على مساعدة دولة أجنبيّة لإيذاء خصمه الديموقراطي ​جو بايدن​، في حين باتت الإنتخابات الرئاسيّة في الولايات المتحدة على الأبواب، الأمر الذي سيكون له تداعيات على مختلف ملفّات الشرق الأوسط، مهما كانت هوية الفائز في هذا السابق.

في هذا السياق، ترجع مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، تعليق مختلف ملفّات المنطقة إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية، في ظل تضاؤل فرص عودة كل من ​الولايات المتحدة الأميركية​ والجمهورية الإسلامية في إيران إلى طاولة المفاوضات، وعدم رغبة أي منهما بالتراجع أي خطوة إلى الوراء، في حين أن الأروقة السياسية في واشنطن ستكون منشغلة في في التحقيق الذي يفتح مع ترامب، في حال نجح مجلس النواب، الذي تسيطر عليه أغلبية ديمقراطية، في تمرير قرار بهذا الشأن.

وتشير هذه المصادر إلى أن ​لبنان​ هو من ضمن الملفّات التي ستكون معلّقة، حيث من غير المتوقع أن تشهد هذه الساحة أيّ تحول طالما أنّ الحوار الأميركي الإيراني معلّق، وبالتالي من غير المنطقي الرهان على إنجاز أيّ ملف على المدى القريب، بل على العكس من ذلك فانّ الأمور قد تتعقد بعض الشيء، نظراً إلى وجود قرار أميركي واضح بالتشدد أكثر ضد طهران وحلفائها على مستوى المنطقة.

على هذا الصعيد، تتوقّع هذه المصادر أن تذهب واشنطن إلى التشدد أكثر في التعاطي مع "​حزب الله​"، لناحية العقوبات الإقتصاديّة التي تفرض، مع حرص أميركي في نفس الوقت على ألاّ يؤدّي ذلك إلى الإنهيار الشامل، رغم القناعة التي باتت لدى معظم الأفرقاء اللبنانيين بأن تأثير هذه العقوبات لا يقتصر على البيئة الشعبية للحزب، بدليل الأزمة التي تمرّ بها البلاد منذ أشهر، لكنّها تؤكد أن حزب الله ليس في وارد الردّ على هذه الإجراءات راهنًا، بالرغم من إعلان أمينه العام ​السيد حسن نصرالله​ أنه في طور إعادة النظر في كيفيّة التعامل معها.

من وجهة نظر المصادر السياسية المطلعة، هناك قناعة لدى محور المقاومة والممانعة بأن ليس هناك ما يمنع الصمود في وجه هذه الضغوط حتى موعد الإنتخابات الرئاسيّة في الولايات المتّحدة، وعلى ضوء النتائج التي ستفرزها صناديق الإقتراع يبنى على الشيء مقتضاه، لا سيما أنّ ترامب لم يعد في أحسن أحواله شعبياً، وبالتالي الرهان على عدم عودته إلى البيت الأبيض يرتفع.

وتشير هذه المصادر إلى أنه عند هذه النقطة يتوقّف مصير منطقة الشرق الأوسط، بالرغم من أنّ الأوضاع الخارجيّة عادة لا تؤثّر بخيارات الناخب الأميركي، وتلفت إلى أنه بحال خروج ترامب من البيت الأبيض يمكن الرهان على سيناريو عودة واشنطن وطهران إلى طاولة المفاوضات، كما حصل خلال مرحلة الرئيس السابق باراك أوباما، لا سيما أن الجانبين لا يفضّلان الذهاب إلى خيار المواجهة المفتوحة، لكنها توضح أنه في حال إعادة إنتخاب ترامب رئيساً لولاية ثانية فإن كل الإحتمالات ستكون مفتوحة، وأبرزها هو خيار الحرب، نظراً إلى أن لا طهران ولا حلفاؤها قادرون على البقاء من دون أيّ تحرك في مواجهات الضغوط الإقتصاديّة والماليّة عليهم.

في المحصلة، لا تتردد إيران مع حلفائها في وضع الحرب الإقتصاديّة بالميزان نفسه مع الحرب العسكريّة، في ظل التداعيات التي تتركها على أوضاعهم، لكن قرار المواجهة يحتمل المزيد من التأجيل إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، على ألاّ تتمايز المرحلة الفاصلة عن هذا الموعد بمعادلة: لا حرب ولا تفاوض.