لفتت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون ​المرأة​ كلودين عون روكز في كلمة لها خلال المؤتمر الدولي حول المرأة بعنوان" المعالجة السريرية ​للنساء​ العربيات: بين السيطرة والإرث التاريخي والعيادة" الى أن "دراسة المشاكل النفسية التي تواجهها النساء العربيات، هو مشروع طموح تتعدد فيه التخصصات بامتياز، إن التاريخ وتطور المجتمعات وهياكلها القانونية، كما تطور المعتقدات الدينية وتطبيقها في الممارسة العملية، وكذلك البنية الشخصية للفرد، هي عوامل مختلفة يجب أن نأخذها في عين الاعتبار في هذا المجال"، مشيرا الى أنه "في هذا ​العالم​ المعاصر الذي يشهد على آثار إلغاء الحدود، تزداد صعوبة الحفاظ على خصوصيات وهويات مختلف مكونات المجتمع، حيث النساء لا يشكلن استثناء في مناطقنا، تواجه النساء مشكلة رئيسية تتمثل في عدم الاعتراف بهنّ كمواطنات بشكل كامل"، مشددا على أن "هذه الصعوبات تظهر بقوة حين يتعلق الأمر بالإصلاحات القانونية التي تهدف إلى إحقاق المساواة بين النساء والرجال".

وأشارت الى أنه "في هذا المؤتمر سوف يفتح آفاقاً جديدة تتيح لنا أن نحدد بشكل أفضل أسس القواعد والممارسات التمييزية ضد المرأة من جهة، وأن نميّز الاتجاهات المناسبة لتحقيق المساواة بين المواطنات والمواطنين من جهة أخرى.

ورأت أن "الأهم من ذلك، أننا ندرك أن صفة المواطنة الممنوحة للمرأة تميل إلى الاختفاء في مناطقنا، إذا نظرنا إلى حقوقها المعترف بها في قوانين الأحوال الشخصية، وهو مجال اختارت الدول أن تبقيه خارج اختصاصها القضائي، والأسوأ من ذلك أن بعض دولنا ومنها الدولة ال​لبنان​ية، لم تعترف بعد بحق المرأة في نقل جنسيتها إلى أولادها"، لافتة الى أن "الهيئة الوطنية تبذل قصارى جهدها لمواجهة التحدي المتمثل في استمرار وجود ثغرات قانونية تمييزية وفجوات في تدابير حماية النساء"، مشيرة الى أننا "نذكر هنا على سبيل المثال، جهودنا لتعديل ​قانون حماية النساء​ من ​العنف الأسري​، واعتماد ال18 سنة سناً أدنى للزواج ، وتجريم ​التحرش الجنسي​ والعلاقات الجنسية مع قاصرة يتراوح عمرها بين 15 و 18 سنة، وحصول النساء على جميع الحقوق والخدمات المقدمة للرجال في ​قانون الضمان​ الاجتماعي"، معتبرة أن "هذه الجهود لا تخلو من العقبات في الواقع، فإن مناقشاتنا مع الأشخاص أصحاب النفوذ على مستوى صنع القرار لتحسين الوضع القانوني للمرأة، واجهت حججاً ذات طبيعة سياسية أكثر منها من قناعات شخصية".

وشددت على أن "صانعي القرار الذين يعارضون هذه الإصلاحات القانونية، يقومون بذلك بشكل عام لأسباب سياسية، خوفًا من مواجهة معارضة من قبل ناخبيهم أو من مرجعياتهم الديني. وغالبًا ما تستند هذه المعارضة إلى اعتبارات تقليدية أو دينية تتعلق بالمكان الذي يفترض أن تشغله المرأة في المجتمع"، مشيرة الى أن "معارضة التغيير تستند في معظم الحالات الى الصور النمطية السائدة في المجتمع حول أدوار كل من النساء والرجال والصفات المطلوبة منهم لإنجازها"، مشيرة الى أن "هذه الصور الاجتماعية الموروثة من السياق التاريخي والاقتصادي والسياسي والثقافي عن حاضرنا اليوم، ولم تعد تتوافق مع واقعنا الموضوعي ومع ذلك، فهي لا تزال تشكل العناصر المكونة للعقلية السائدة، وتجعل من الصعب ليس فقط تبني الإصلاحات ولكن أيضًا تنفيذها. وتعيد هذه الصور النمطية إنتاج نفسها، بواسطة ​وسائل التواصل الاجتماعي​ المختلفة، سواء من خلال التربية الأسرية أو أدوات التعليم المدرسي أو وسائل الإعلام".

واضافت: "وقد أدى تطور شبكات التواصل إلى تضخيم سرعة نشر هذه الصور النمطية إلى حد كبير. ولهذا السبب تسعى ​الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية​، بطرق مختلفة إلى مواجهة التمثيل الجامد الذي يعطي عن النساء وأدوارهن في المجتمع، صورة مغلوطة تصفهن ككائنات ضعيفات وغير كفوءات وغير قادرات على اتخاذ القرارات المناسبة لأنفسهن فكيف بالأحرى للآخرين"، لافتة الى أن "من بين الإجراءات التي اتخذتها الهيئة في هذا الصدد، نذكر بشكل خاص وضع السياسات الحكومية المؤيدة للمرأة ، كاعتماد استراتيجية المرأة في لبنان التي تم إقرارها رسميًا في عام 2012 ، استراتيجية مكافحة العنف ضد النساء، وخطة العمل الوطنية لتطبيق قرار ​مجلس الأمن​ 1325 حول المرأة والسلام والأمن ، الذي أقرها ​مجلس الوزراء​ مؤخراً"، مشيرة الى أننا "نعمل على تسليط ​الضوء​ على الأدوار الفعالة التي تلعبها النساء في مجتمعنا ودعم تقدمهن إلى المستويات العليا في دوائر اتخاذ القرار في المجالات الإدارية والسياسية والاقتصادية، كما نسعى جاهدين لرفع نسبة الوعي لدى الرأي العام حول أحقية مطالبنا وننظم حملات إعلامية وتوعوية لدعم عملنا".