"إسألوا المعنيين. هناك مسؤول عن النقد هو حاكم ​مصرف لبنان​ ومسؤول عن المال هو وزير المال، وأنا لست على علم بما حصل خلال غيابي"، هكذا ردّ ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​، بعد عودته من ​نيويورك​ حيث كان يشارك في إجتماعات الجمعيّة العامة للأمم المتحدة، على سؤال حول ​الوضع المالي​ في البلاد، الأمر الذي ظنّه البعض أنه "تهرّباً" من المسؤوليّة.

في المقابل، لم يكن قد مرّ 24 ساعة على عودة رئيس الجمهورية، حتى بدأت المعلومات تتسرّب عن إتصالات يقوم بها مع المعنيين، للإطّلاع على مسبّبات الأزمة النقديّة، وما نتج عنها من مشكلات أدّت الى خضّة في الأسواق وصعوبات في استيراد بعض المواد الأساسيّة، ومن المتوقع أن تستكمل هذه الإتصالات في الأيام المقبلة، لا سيما مع البيان المنتظر من حاكم مصرف لبنان ​رياض سلامة​ يوم غد الثلاثاء.

ما تقدّم لا يلغي، بحسب ما تؤكّد مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، الرسالة التي أراد رئيس الجمهورية إيصالها، عندما دعا إلى سؤال المعنيين عن الأزمة، نظراً إلى أن هناك قناعة باتت واضحة لدى المقرّبين منه بأن هناك من يعمل على تضخيم الأزمات، بهدف إستهداف العهد وعرقلة عمله، مع العلم أنّ المسؤولية عن أيّ تدهور لا تقع عليه وحده، نظراً إلى وجود شركاء في الحكم، ورئيس الجمهورية، خصوصاً بعد ​إتفاق الطائف​، ليس حاكماً بأمره.

وتشير هذه المصادر إلى أنّ موجة الشائعات، التي تطاول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كانت قد بدأت قبل وصوله إلى نيويورك، حيث طغى الحديث عن عدد الوفد الذي يرافقه، ثم لاحقاً عن عشاء أقامه، ليتبيّن عدم صحة كل ما تمّ التداول به، وبالتالي لا يمكن فصل الأزمة التي تفاعلت، في غيابه عن البلاد، عن موجة الشائعات تلك، وتؤكّد بأن هناك إستهدافاً واضحاً لرئيس الجمهورية لم يعد من الممكن إنكاره بأيّ شكل من الأشكال.

من وجهة نظر المصادر نفسها، هذا الإستهداف يعود بالدرجة الأولى إلى رغبة البعض في الضغط على الساحة المحليّة للحصول على مكاسب سيّاسية، وتؤكد أن هذا الأمر تقف خلفه جهات خارجيّة بمشاركة محليّة، لكنّها تشدّد على أنّ هذه الجهات لن تنجح في تحقيق الأهداف التي تتوخاها، لوجود قناعة لدى رئيس الجمهورية أن الكثير من الخطوات التي يمكن القيام بها.

بالحديث عن رسالة رئيس الجمهورية، لدى عودته إلى البلاد، توضح المصادر السياسية المطلعة أن عون هو من أكثر المدركين لحقيقة الأوضاع الإقتصاديّة والماليّة في البلاد، وتذكر بأنه هو من دعا إلى الإجتماع المشهور في بعبدا لبحث الإجراءات التي من الممكن القيام بها، وبالتالي لا يمكن إلا أن يكون معنياً في متابعة الأوضاع بشكل دقيق، لكنها في المقابل تشدد على أن من غير المقبول تحميله مسؤوليّة كل ما يحصل، خصوصاً أن الأزمة الراهنة هي تراكم لسنوات طويلة سابقة، وتضيف: "أغلب الذين يوجّهون التهم له يتحمّلون مسؤولية عن الواقع أكثر منه".

في المحصّلة، تشدّد هذه المصادر على أنّ موقف رئيس الجمهورية الأساسي هو أنه لن يترك لبنان يسقط، لكنها تدعو إلى عدم تجاهل دعوته إلى تعاون الجميع لمعالجة الأوضاع القائمة، وتؤكّد أن الاسبوعين الجاري والمقبل قد يحملان معهما الكثير من التطورات على هذا الصعيد.