في سياق الحديث عن الأوضاع الإقتصاديّة الصعبة وإرتفاع نسبة ​البطالة​ في ​لبنان​، يصادف أغلب المواطنين العمّال الأجانب على محطات بيع المحروقات بشكل شبه يومي، لكن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان دائماً هو عن سبب عدم توظيف لبنانيين في هذه الأعمال، خصوصاً أنها لا تتطلب شهادات علميّة محّددة ولا خبرات عمليّة واسعة.

على هذا الصعيد، هناك ما يشبه العُرف على ​محطات المحروقات​، بالنسبة إلى جنسيّة العاملين فيها، حيث الأغلبيّة هم من الجنسيتين المصريّة والبنغلادشية، على عكس باقي الأعمال التي يشغلها عمال أجانب من جنسيات مختلفة، لكن في المقابل هناك مؤسسات تعتمد على عمال لبنانيين بشكل شبه كامل.

في هذا السياق، يرمي مستشار نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان ​فادي أبو شقرا​، في حديث لـ"​النشرة​"، المسؤولية على عاتق المواطن اللبناني، الذي يرفض العمل في محطّات المحروقات، سواء كان الأمر يتعلّق بعمال تنظيف السيارات أو المسؤولين عن تزويد الآليات بالمحروقات، ويضيف: "اللبناني يريد أن يجلس خلف مكتب، أو لا يريد أن يقوم بهذا العمل كي لا يراه أحد من معارفه".

في المقابل، لا ينكر أبو شقرا أن أصحاب المحطات يبحثون عن الربح، لا سيّما في ظل الأوضاع الحاليّة، مع تراجع نسبة أرباحهم إلى حدّ بعيد، ومن المؤكّد أنّ كلفة العامل الأجنبي هي أقل من كلفة العامل اللبناني، لكنه يشدّد على وجود عمّال لبنانيين في محطّات المحروقات، ولو كانت النسبة قليلة بالمقارنة مع الجنسيّات الأخرى، ويوضح أن رواتب الموظفين تتراوح بين 400 و450 ​دولار​ أميركي في الشهر الواحد.

إنطلاقاً ممّا تقدم يمكن الحديث عن مشكلتين أساسيتين، الأولى ترتبط بالمواطن الذي يرفض العمل في محطّات ​الوقود​، بالرغم من أن الكثير من دول ​العالم​ تعتمد على الخدمة الذاتيّة، وبالتالي ليس هناك من أمر معيب في هذا العمل أو أيّ عمل آخر، أما الثانية فتتعلق بالرواتب التي يتقاضاها ​العمال​ (400 و450 دولار أميركي)، إلا أن هناك مفارقة لافتة يكشف عنها، عبر "النشرة"، أحد المسؤولين في شركة من شركات محطات الوقود.

يشير هذا المسؤول إلى أنّ الحديث عن أن اللبناني لا يوافق على العمل في محطّات المحروقات غير صحيح على الإطلاق، خصوصاً أن شركته تعتمد على عمال لبنانيين في كل المحطّات التي تملكها، ويؤكّد أن أغلب الشركات الكبيرة قادرة على تطبيق الخطوة نفسها، من دون أن يؤثر ذلك على الأرباح التي تجنيها، لكنها تفضّل الإعتماد على العامل الأجنبي لجني المزيد من الأرباح.

ويوضح المسؤول نفسه أنّ المحطّات الصغيرة، التي سعة خزاناتها بين 1500 و2000 ليتر، لا تستطيع القيام بهذا الأمر، نظراً إلى أنه يؤثر على الأرباح التي تجنيها، وبالتالي يكون من المفهوم أن تبحث عن خفض التكاليف عبر الإستعانة بالعمالة الأجنبيّة، التي تعمل بحدود 16 ساعة يومياً، ويضيف: "الشركات الكبيرة قادرة على توظيف لبنانيين براتب لا يقل عن 600$ شهرياً مقابل 8 ساعات عمل فقط، بالإضافة إلى تقديم كافة التقديمات الإجتماعيّة لهم، وعلى رأسها التسجيل في ​الضمان​ الإجتماعي، وهو الأمر الذي يبحث عنه كل العمال اللبنانيين".

في المحصّلة، على شركات محطّات المحروقات الكبيرة مسؤوليّة إجتماعيّة في توظيف عمال لبنانيين، طالما هي قادرة على ذلك، حتى لو أدّى ذلك إلى حفض الأرباح التي تجنيها، نظراً إلى أنها ستستفيد، بطريقة أخرى، من هذه الخطوة، عبر ​الدورة​ الإقتصاديّة التي ستحقّقها.