حيا ​المطارنة الموارنة​ رئيس الجمهورية ميشال عون في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، التي جاءت جامعة في عرضها عمق الأزمة في لبنان والحلول الواجبة لخلاصه، ولاسيما ما يختص بمطالبة زعماء العالم ليساهموا في عودة ​النازحين​ السوريين الآمنة والكريمة إلى بلدهم، محذرا من تحويلهم إلى رهائن للمقايضة عند فرض التسويات والحلول، ومشيرا إلى أن شروط العودة أصبحت متوافرة في معظم أراضي سوريا، وفقا للتقارير الدولية. وإنهم يهنئون فخامة الرئيس بالتصويت الايجابي على مشروع "أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار". ويدعون اللبنانيين لتحقيق هذا المشروع بشد روابط عيشهم المشترك، ونشر ثقافة معرفة الآخر والقبول به والتعاون معه بروح المساواة والاحترام.

وتابع الآباء التحركات المحلية والدولية الهادفة إلى ترجمة قرارات مؤتمر "سيدر"، ولا سيما إلحاح الجهات الدولية المعنية على ضرورة إجراء الإصلاحات اللازمة في الهيكليات والقطاعات، كشرط لحصول لبنان على الدعم المالي. لكن تلك الإصلاحات لا يمكنها أن ترى النور ما لم يعمل الجميع على وقف مزاريب الهدر ووقف تهريب السلع عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية ومحاربة الفساد بشجاعة وشمول لا يقيمان وزنا إلا للصالح العام.

وأعرب الآباء عن ارتياحهم للقرار الوسيط الذي أصدره أمس الأول حاكم ​مصرف لبنان​ لجهة امكانية المصارف فتح اعتمادات مستندية بالدولار الاميركي، مخصصة حصرا لاستيراد المشتقات النفطية، من بنزين ومازوت وغاز، أو القمح أو الأدوية، وذلك ضمن القواعد المحددة في القرار. ويأمل الآباء أن يزيل هذا التدبير القلق والهلع لدى اللبنانيين ويفتح أمام ​الحكومة​ طريق الحل للأزمة الاقتصادية والمالية.

وأمام بعض الانفراجات في أوضاع عدد من البلدان العربية، ومنها السودان وتونس والجزائر، وتشكيل اللجنة الدستورية في سوريا، وإبداء دمشق استعدادات لاستقبال مواطنيها النازحين، أبدى الآباء ارتياحهم، ويرون في هذه التطورات مؤشرات دولية جدية إلى حلول زمن تراجع العنف وتقدم لغة الحوار التفاوضي وتعزيز طروحات السلام والحرية والديمقراطية. وهو ما يملي على الدولة في لبنان واجب ملاقاة الانفراجات، خصوصا على الساحة السورية، بما يسهل عودة النازحين السوريين إلى ديارهم، بالترافق مع مفاوضات الحل السياسي للأزمة السورية، التي نرجو أن تكون قريبة.

ومع بداية العام الدراسي، أمل الآباء سنة هادئة ومثمرة من التحصيل الأدبي والعلمي في القطاعين العام والخاص. ويترقبون مبادرة المسؤولين الرسميين المعنيين إلى تصحيح مقاربتهم لمسألة الرواتب والأجور في القطاع الخاص، الذي يشكل إحدى ثروات لبنان الحضارية الكبرى. ويثنون على أي خطوات تقوم بها الإدارات في هذا القطاع من أجل توفير الدراسة لجميع طلابه أيا كانت ظروف أهلهم المالية. فالتعليم رسالة وواجب قبل كل شيء، وحسن التعامل فيه والرحمة في قوانينه وأنظمته أساس للحق والعدالة والمساواة، ولتماسك المجتمع في هذه الأزمة الصعبة التي يمر بها لبنان.

وتوجّه الآباء إلى أبنائهم وإلى اللّبنانيّين عموماً، في هذا الزّمن الحياتيّ والوطنيّ الصّعب والمصيريّ، بالدّعوة إلى الصّمود، كما دائماً. فالشّرور التي تُحيط بالوطن من كلّ صوب، لا يُبدِّدها سوى إيماننا جميعاً، وتمسُّكنا بدعوة لبنان ورسالته في محيطه وفي العالم، وترسُّخنا في تقاليدنا الأصيلة، واستعدادنا لأغلى التّضحيات في سبيل حقّ أجيالنا الجديدة بحياةٍ أفضل على أرض الآباء والجدود.