الى الهيئة التأديبية الخاصة برؤساء وأعضاء المجالس البلدية وإلى النيابة العامة المختصة، أحالت وزيرة الداخلية والبلديات ​ريا الحسن​ رئيس بلدية في محافظة لبنان الشمالي ورئيس بلدية أخرى في ​محافظة جبل لبنان​. ملفّا البلديتين المذكورتين وصلا الى مكتب الوزيرة الحسن، بعد سلسلة تحقيقات أجراها رئيس ​التفتيش المركزي​ ​القاضي جورج عطية​، ولأنّ المادة 108 من ​قانون البلديات​ تحصر حق استجواب رؤساء البلديات ب​وزارة الداخلية​، أحيل الملف من التفتيش المركزي الى الوزيرة الحسن لاتخاذ القرار المناسب وهكذا حصل فعلاً.

ليس المهم في الخبر، الكشف عن اسم رئيس البلدية المتّهم من الشمال أو ذاك الذي من جبل لبنان، وهذا ما تتكتّم عنه مصادر التفتيش المركزي لأنّ التحقيقات لا تزال مفتوحة وفي بداياتها لدى الهيئة التأديبيّة الخاصّة والنيابات العامة، "المهمّ في الخبر" يقول رئيس التفتيش المركزي لـ"النشرة" "هو في هذا التكامل الذي سلك طريقه بين التفتيش المركزي كجهاز رقابي ووزارة الداخليّة كسلطة تخضع البلديات لها بحسب القوانين والنصوص، وقد بدأ هذا التكامل يترجم على الأرض بقرارات الإحالة على الهيئة التأديبية الخاصة والنيابات العامة".

الإجراء المتخذ بحقّ رئيس بلدية من الشمال وآخر من جبل لبنان ليس الأول من نوعه تؤكد المصادر المتابعة للملفّ ولن يكون الأخير، ورؤساء البلديات المنتخبين لن يتمكنوا بعد اليوم من التصرّف على قاعدة عنزة ولو طارت كما كان يحصل سابقاً، متحججين بحصانتهم التي يؤمّنها لهم صندوق الإقتراع، وفي هذا السياق، تكشف المصادر عينها أن التفتيش المركزي ومنذ آب من العام 2017 وحتى اليوم، أحال الى وزارة الداخلية حوالى 100 رئيس بلدية، أما التّهم الموجّهة اليهم فتتوزع بشكل أساسي على الشكل التالي:

أولاً–هدر المال العام والفساد.

ثانياً-مخالفات إداريّة.

ثالثاً- مخالفات هندسيّة في قطاع البناء والتوقيع على رخص بناء تتضمن مخالفات في الشقلات والتراجعات والارتفاعات وحق الاستثمار وطوابق المرّ.

بين هذه الإحالات، هناك عدد قليل ونسبته 20 % فقط، حصلت تحقيقاته بناء على ملاحظات المفتّشين أثناء قيامهم ببرنامجهم السنوي، والعدد الأكبر منها ونسبته 80%، مصدره شكاوى من المواطنين ترد الى التفتيش بوتيرة شبه يومية.

رئيس التفتيش المركزي يتابع مع وزارة الداخلية مصير هذه الإحالات، ويرسل للوزيرة الحسن كتباً للسؤال عن مصير كل إحالة بعد انقضاء 15 يوماً من تاريخ إحالتها، وقد علم أن رئاسة التفتيش ستضع تقريراً في الإحالات التي لم تحصل فيها على أجوبة من وزارة الداخليّة لإرساله الى رئيس الحكومة سعد الحريري.

هذا التكامل بين التفتيش المركزي ووزارة الداخليّة لم يكن موجوداً كما هو اليوم وبهذا النشاط في عهد الوزير السابق نهاد المشنوق. وبسبب هذا التغيير الإيجابي، أصبح رؤساء البلديات يحسبون للأجهزة الرقابيّة، فتخيّلوا مثلاً أن بلدية كبرى تحاول استعادة مبلغ قيمته 350 مليون ليرة من أحد المتعهّدين الذي استوفاه منها خلافاً للقوانين كل ذلك خوفاً من مفتّشي التفتيش المركزي، كما أن رئيس بلدية أخرى اتصل بالتفتيش المركزي للإبلاغ عن تشغيله ستة عمال في شهر معيّن باعتمادات إضافية واعداً بعدم تكرار هذا الأمر.

أمام هذا المشهد المستجدّ، وبما أن الإحالة على النيابة العامة تفقد رئيس البلدية حصانته، يبقى السؤال، هل سنشهد قريباً قرارات من النيابة العامة التمييزية بعزل رؤساء بلديات وسجنهم بتهم فساد وتقاضي رشى وهدر المال العام الذي تصل قيمته في بعض البلديات الى مئات الملايين وحتى الى المليارات؟.