"قُل لي ماذا تأكل، أقُل لكَ في أي بلدٍ تعيش".

إذا كانت بعض المواد الأولية للأغذية، غير مطابقة للمواصفات الصحية، فبالتأكيد يكون أحد البلدان المقصودة هو ​لبنان​.

لماذا نقول هذا الكلام؟

لأن ما حدث في ​مرفأ بيروت​ منذ قرابة الاسبوع، يدعو إلى الريبة:

باخرةٌ محملةٌ ب​القمح​ بدأت بتفريغ حمولتها لكن ​العمال​ الذين يشرفون على التفريغ لاحظوا وجود حشرات في القمح فأعلموا المسؤولين ولكن بعد ان كانت الباخرة قد أفرغت ما يقارب عشرات الأطنان في الأهراءات، ما يعني ان الحشرات تسربت إلى الكميات الموجودة في الأهراءات.

صحيح ان التفريغ توقف، ولكن الاسئلة التي تُطرَح هي:

كيف وصلت هذه الباخرة إلى مرفأ بيروت؟

مَن كشف على موادها؟

كيف أتت الموافقة على إفراغ القمح؟

ما هو مصير القمح الذي تم إفراغه، وهو بعشرات الأطنان؟

ما هو مصير القمح على الباخرة؟

هل وصلت كميات من هذا القمح الى الأفران؟

كل هذه الاسئلة يجب ان تُطرَح على بساط البحث قبل أي شيء آخر لأنها تتعلق بصحة المواطن، فالرغيف قبل كل شيء؟

وبالمناسبة، ألم يأتِ الدعم وفتح الإعتمادات ب​الدولار​ من ​مصرف لبنان​ على القمح و​المحروقات​ والدواء؟ فكيف تُفتَح اعتمادات من أجل استيراد مواد غير مطابقة؟

الا يكفي ان لبنان أصبح "بلدًا للنفايات" لتُستورد إليه نفايات المواد الغذائية الأساسية؟

يجب إعلان إسم المستورِد وإحالته إلى ​القضاء​ المختص.

يكفي جشعًا!

يكفي تلاعبًا بصحة المواطن!

فمَن لم يمت بالعوز، هل يجب أن يموت بالتسمم لأن مستوردًا أو تاجرًا فقد كل ضمير حي؟

***

هذه القضية يجب ان تكون أولوية بالنسبة إلى الجميع من دون استثناء.

هذه القضية تحتاج إلى تشكيل لجنة تحقيق تعمل بإشراف مباشر من ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ لأنه موثوق من جميع اللبنانيين ولأنه يجرؤ على تسمية الأمور بأسمائها ولأنه يطالب بالتسريع في التحقيقات ونشرها للرأي العام، اما إذا لم يحصل هذا الأمر، فإنه يُخشى من تمييع القضية.

***

هذه القضية يجب ان تفتح قضية المرفأ على مصراعيها:

مَن يدير المرفأ؟ وكيف؟

كيف تدير المرفأ لجنة "مؤقتة"، وهذا المؤقت ما زال منذ ثلاثين عامًا؟

***

البعض يعتقد ان تمرير ​الفساد​ يمكن ان يحصل في فترات الإضطرابات، فالاضطرابات هي الأرض الخصبة لتمرير معظم المواد الفاسدة، هذا ما يجعل المخضرمين يتوقعون أن تتفاقم ​حالات​ الفساد في موازاة حالات الأزمة.

المخضرمون يتذكرون أنه خلال الحرب وخلال أزمة المحروقات، كانت بعض المحطات تضيف ​المياه​ إلى ​البنزين​ خصوصًا ان المواطن لم يكن يدقق بل كان كل همه أن يملأ خزان سيارته أو الغالون.

يُخشى اليوم ان يعيدَ التاريخُ نفسَه فيبدأ الغشُ والتلاعبُ بالتزامنِ مع الأزمة.