لفت ​السيد علي فضل الله​ خلال خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في ​حارة حريك​ إلى "إنَّنا أحوج ما نكون إلى تعزيز هذه القيمة في واقعنا، لنخرج من واقع نعيشه، وهو استسهال الدم، فبذل الدم عنده لا ينبغي أن يكون إلا لتثبيت حق أو دفع ظلم أو إزالة احتلال أو سعي لإقامة عدل، عندما يكون بذل الدم هو السبيل الوحيد للوصول إلى ذلك وبهذا الالتزام، نصبح أكثر قوةً وقدرةً على مواجهة التحديات"، مشيراً إلى أن "البداية من ​لبنان​، الَّذي شهد الأسبوع الماضي ​احتجاجات​ شعبيّة تمثلت بتظاهرات و​قطع طرقات​ وحرق إطارات، والتي جاءت تعبيراً عن مدى المعاناة الَّتي وصل إليها إنسان هذا البلد في أبسط حقوقه ومتطلّبات عيشه الكريم في الماء و​الكهرباء​ والغذاء و​الصحة​ والتعليم والعمل".

ودعا المسؤولين في ​الدولة​ إلى "الإصغاء إلى وجع هؤلاء الناس وإلى معاناتهم، وعدم الاكتفاء بالحديث عن الخلفيات التي قد تقف وراء ما جرى، أو بعض ما أطلق في التحركات من شعارات، أو بعض ما حصل فيها"، مشيراً إلى "إننا لا نشكّك في إمكانية وجود خلفيات لما جرى، أو أهداف تريد إرباك وضع البلد، أو تسجيل نقاط على هذا الفريق أو ذاك، ولكن من يستغلون ذلك هم الذين استفادوا من مناخ موجود ومن ثغر حقيقية، وهي إن لم تعالجْ، فستهيئُ مجالاً أوسع لهؤلاء ليحققوا ما يريدون".

ورأى ان "على الدولة ألا تتعاطى مع ما جرى باللامبالاة أو بالتهديد أو ​العنف​ أو بالتطمينات التي لا تستند إلى واقع، بقدر ما ندعوها إلى استنفار جهودها لإعادة الثقة بها، والإقدام على خطوات جدية في معالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، فلا تدفع المواطنين بعدها إلى النزول إلى الشارع مع كل السلبيات التي قد تحدث من وراء هذا النزول"، مشيراً إلى أن "الناس لا يزالون يرون أن الدولة لم تقدم على ما من شأنه أن يعيد الاعتبار إليها، ولا يرون جدية في التعامل مع الأزمات ويكفي لديهم دليلاً على ذلك، الخلافات التي تعصف بين أهل الحكم، وتقاذف المسؤوليات في ما بينهم، عوضاً عن العمل المتواصل في ​مجلس الوزراء​ و​مجلس النواب​ لترجمة الأفكار التي تم الإعلان عنها في ​بعبدا​ إلى قرارات وخطوات طال انتظارها".

وأضاف "إنَّ الإجراءات التي تتخذها الدولة ما تزال دون حجم الأزمة واتساعها، وهو ما برز أخيراً في تعميم ​مصرف لبنان​ الذي جاء ليعالج أزمة ​الدولار​، فهو على أهميته، ورغم ما أحدثه من تبريد للسوق، فإنه لا يزال في إطار الإجراءات المؤقتة، ومن قبيل المسكنات في حركة السوق، ولكنه ليس حلاً جذرياً، بل قد لا يكون حلاً وإنَّ المعالجة الحقيقيّة لم تبرز حتى الآن، وهنا نتساءل عن ​حالة الطوارئ​ الاقتصادية التي لم نرَ أي تعبير عملي عنها، إلا إذا كانت المسألة تتصل بقرطاسية الوزارات والتنظيفات والسندويشات، فيما المكان الّذي ينبغي أن يصل إليه سيف الإصلاح لا يزال في مأمن، حيث لا يزال الحديث عن استمرار مزاريب الهدر و​الفساد​ والصفقات والتوظيفات والتلزيمات غير المشروعة، وعن محظورات هنا وهناك ممنوع الاقتراب منها، وعدم معالجة كل ما يتصل ب​الأملاك البحرية​ والكهرباء و​النفايات​ و​الاتصالات​ وغير ذلك".

وأشار إلى "إننا نأمل أن تبذل اللجنة الاقتصادية الاجتماعية التي تم تأليفها جهودها، لتقديم تشخيص سليم للأزمة، وخطّة حقيقية قابلة للتنفيذ ضمن وقت زمني محدد، بعيداً من كل الحسابات الطائفية والسياسية التي غالباً ما أوقفت كلّ سعي للإصلاح، أو فرض ضرائب جديدة تثقل كاهل المواطنين وتزيد من تفاقم ​الوضع الاقتصادي​".