يشهد مركز الميكانيك في ​الغازية​-قضاء صيدا، ازدحاما خانقا، حيث ينتظر المئات من أبناء المنطقة والجنوب، دورهم ساعات طويلة لإجراء المعاينة، تمهيدا لدفع الرسوم، بعد قرار تخفيض الغرامات المتوجبة على متأخرات ​رسوم الميكانيك​ بمعدل 85% بدءًا من شهر ايلول، على ان يستمر حتى نهاية العام الجاري 2019.

وقد أنقسم"المنتظرون" من "أصحاب السيارات إزاء "قرار الإعفاء"، بين مؤيّد بعدما شكّل فرصة "للمتخلّفين" منهم الذين لم يسدّدوا رسوم الميكانيك لأسباب عدّة، سواء لضيق الأوضاع الماليّة إو الاهمال والتقصير، وهي جاءت فرصة لدفع ما يتوجب عليهم وجعل سياراتهم قانونيّة، وبين معارض يصف نفسه أنه "قانوني"، يدفع الثمن عن غيره دون أيّ ذنب، وبرأيه فإنّ الحلّ أوّلا: بأعطاء مهلة زمنيّة أطول كي لا يشهد مركز المعاينة كل هذا الازدحام، ثانيًا التمييز بين "المخالف" و"القانوني" عبر تخصيص خطّ معاينة لكل منهما، فلا يتحمّل الواحد عن الآخر تبعات قراره.

وبين المؤيد والمعارض، ارتفعت التساؤلات عن سبب احتكار المعاينة المكيانيكيّة كل هذه السنوات حيث افتتحت اربعة مراكز فقط في كلّ من منطقة الحدث، ​الزهراني​، طرابلس وزحلة منذ العام 2002، وهي بطيبعة الحال لا تغطّي كامل المناطق، وقد كان عدد السيارات حينها قليلا، ثم ارتفع اضعافا مضاعفة اليوم، وبقي الحال على ما هو عليه من جهة! اضافة الى تساؤلات عن عدم افتتاح مراكز أخرى في مختلف المناطق من جهة أخرى، ما يؤدي الى ازدحام خانق، وحرق أعصاب، وانتظار ساعات طويلة، في "طابور" طويل، خاصة وانه لدى مركز الغازية، اضافة الى كونه الوحيد في الجنوب، قدرة محددة على الاستيعاب، يفتح أبوابه الساعة السابعة صباحا ويقفلها الرابعة عصرا، وفيه 6 خطوط: 4 منها لمعاينة السيارات والخامس للشاحنات والسادس للدرّاجات النارية يستخدم الان لمعاينة السيارات والاعادة، وتحتاج كل معاينة الى نحو 15 دقيقة لدى فحصها فنيا وتقنيا، وسط التشديد في مراقبة أرقام لوحة السيارات "النمرة" والمصابيح والزجاج الداكن"، ما يتيح معاينة أكثر من 600 سيارة وشاحنة.

واعتبر وفيق زورغلي لـ"النشرة"، ان قرار الاعفاء عن الغرامات جاء مزاجيا وعشوائيا ولم يراع مصلحة "القانونيين"، فالدولة تريد ان تجبي الاموال من جيوب الناس باي طريقة، وكأنها لا تدرك انها بهكذا تجبرهم على المخالفة مثل الاخرين، فالكثير لا يريدون ان ينتظروا دورهم لساعات"، قبل ان يضيف "كان يجب تنظيم الامر بطريقة مختلفة لا تساوي بين الجميع، ما ذنبنا وكيف ندفع الثمن عن الآخرين".

سوق سوداء

وما زاد الطين بلة، وفق اصحاب السيارات، ان الانتظار الطويل، فتح الباب امام "سوق سوداء" من نوع آخر مع انعدام "الوساطات" وعدم الغش في الدور، يؤكدون ان مواطنين وعمالا امتهنوا عملا جديدا في القدوم فجرا الى مركز "المعاينة" وحفظ دور لهم، ثم التخلي عنه لغيرهم مقابل 20 الف ليرة لبنانية، وقد فعل الكثيرون ذلك، رغبة في التخلص من الانتظار لساعات وحرق الاعصاب.

وقد اقترح محمد صفدية من صيدا، على الدولة أن تكسر الاحتكار عبر وضع شروط محددة ومشددة على أصحاب "الكاراجات" ومنح العشرات منهم، لا بل المئات، الحق بإعطاء شهادات مطابقة للشروط والمواصفات، مثلما يجري في الدول الاوروبيّة وخاصة في بريطانيا، ما يعزز المنافسة ويمنع الحصريّة، او على الاقل افتتاح مراكز معاينة في كل منطقة، وخاصة في مرجعيون، صور، بنت جبيل، والنبطية وسواها من مختلف المناطق اللبنانيّة، فنتخلّص من الازدحام حتى لو اصدروا قرارا بالاعفاء.

يتوجب على صاحب السيارة ان يدفع رسوما للمعاينة السنوية قيمتها 33 الف ليرة لبنانية، وبعض السيارات لا تنجح من المرّة الأولى، ما يتطلب اصلاح ما فيها من عطل والعودة من جديد، وتكون مجانيّة خلال شهر واحد، والا توجّب عليه دفع رسوم مرة أخرى، ويكون الانتظار الطويل المرحلة الاولى، كل نصف ساعة تقريبا يسمح الحارس عند مدخل "المركز"، بمرور مجموعة من السيارات، لتبدأ المرحلة الثانية من الانتظار في الموقف الداخلي، قبل الانتقال الى الثالثة أيّ الدخول الى مكان المعاينة، حيث يبدأ الامتحان "الصعب" وصولا الى النتيجة: النجاح أو الرسوب والاعادة مجددا.

وقد شرح مصدر مسؤول طبيعة ​المعاينة الميكانيكية​، حيث يفهمها الكثير من المواطنين خطأ، إذ ليس من إختصاصنا تحديد المتخلّف عن الدفع ممن يلتزم به، كل ما نقوم به هو معاينة السيارة واعطاء النتيجة، عمّا اذا كانت صالحة أم لا، وهناك في ​مصلحة تسجيل السيارات​ "النافعة" تُدفع الرسوم ويتبين من سدّد ومن هو مُخالف".