أكّدت مصادر أمنيّة، في حديث إلى صحيفة "الجمهورية"، أنّ "التعامل مع التحركات الشعبيّة هو الأصعب، لأنّ المؤسسات العسكرية والأمنية تصبح بين نارَين ومسؤوليّتين: الأولى حماية التحركات الشعبية، والثانية حماية المواطنين والممتلكات العامة بالحرص نفسه".

وأوضحت أنّ "التحديات الّتي تواجه ​القوى الأمنية​ والعسكرية، هي: أوّلًا أنّ هذه المؤسسات، قيادةً وضباطًا وعناصر، تنتمي إلى الناس، وهي المكلّفة حفظ أمنهم والأمن الوطني، تشعر بأنّ الأزمة الاقتصادية تطالها كما تطالهم، وأنّ هواجسهم هي هواجسها. وبالتالي، إنّ العسكر المكلّف المهمة، يعاني معاناة من يتحرّكون سلميًّا في الشارع، ومهمته تقع بين حَدّين: التضامن قلبيًّا معهم، والتزام حمايتهم وتطبيق القانون وحماية الاستقرار".

ولفتت المصادر إلى أنّ "ثانيًا، إنّ مسؤوليّة المؤسسات الأمنية والعسكرية هي ملاحقة الدعوات المشبوهة إلى التخريب، سواء الّتي تأتي من داخل الحدود أو من خارجها. ففي الأسبوع الأوّل للتحرّك الشعبي، سجّلت ​الأجهزة الأمنية​ حركة اتصالات منظّمة من أكثر من 240 هاتفًا دوليًّا، أرسلت رسائل متزامنة يومَي السبت والأحد إلى جميع المناطق اللبنانية، مصدرها بلدان أوروبيّة وأميركيّة وإفريقيّة وأسيويّة، عملت لمدّة يومين ورصدت، ويجري التحقيق في مصدرها، وربّما لا يكشف بسبب صعوبة ملاحقتها من هذه البلدان". وأشارت إلى أنّه "يمكن لهذه الإتصالات والأرقام الـ240 أن تكون ضمن مجموعة واحدة. هذه الإتصالات المشبوهة اختَفت في الاسبوع الثاني، وحلّ مكانها تظاهر عادي في ​ساحة الشهداء​ وشوارع أخرى".

وركّزت على أنّ "ثالثًا، إنّ مسؤوليّة القوى العسكريّة والأمنيّة هي أن تتابع عن كثب كلّ ما يجري وكلّ ما يصنّف في خانة الشُبهة، من هذه الشبهات ما جرى في ​شتورا​ منذ أيام ولم يعلن عنه خوفًا من حصول حالة هلع تؤثّر في ​المصارف​، فقد توجّه سوريون بالمئات إلى فروع المصارف في شتورا بعد سماعهم إشاعة أنّه في حال حصول صعوبات للمصارف، فإنّ "​مصرف لبنان​" أعطى توجيهًا بأن تدفع أموال اللبنانيين وأن تجمّد أموال السوريين، وسَبّب التزاحم قلقًا عند جميع المودعين، وكاد أن ينتقل إلى مناطق أخرى، لو لم يعالج الأمر مع "مصرف لبنان" والمصارف، حيث أعطيت التعليمات بإعطاء السوريين أموالهم (صغار المودعين) قبل أن تتحوّل "الزوبعة السوريّة" إلى "عاصفة لبنانيّة".

وذكرت أنّ "رابعًا، إنّ مسؤوليّة القوى العسكريّة والأمنيّة تقتصر على إدارة الاستقرار، أمّا حلّ الأزمة فيستوجب إعطاء اللبنانيين رسالة ثقة هي من مسؤوليّة ​الحكومة​ وأجهزة الدولة، ومن دون رسالة الثقة هذه ستبقى هذه المؤسسات في حالة استعداد، إن لم نقل في حالة استنزاف، لتأمين المهمّة الجديدة الّتي لا يتمنّاها أيّ جيش في أية دولة في العالم". وشدّدت على أنّ "هذه الكأس هي الأصعب، وتتجاوَز في صعوبتها تأمين الحدود، أو أية مهمّة أُخرى، لأنّ نطاق المهمّة في الشارع مع الناس وبينهم ومن أجلهم، وكلما لاحَت بوادر انفراج عاد الوضع إلى سابق عهده".