يستغل رئيس حزب "​إسرائيل​ بيتنا" ​أفيغدور ليبرمان​ فعالية كتلته (8 أصوات) المُرجحة لتشكيل حكومة الكيان الإسرائيلي إلى أقصى الحدود.

فقد حاول من خلال الخطة التي أعلن عنها برمي الكرة في وجه مُنافسيه رئيس مُعسكر "اليمين - الحرديم" بنيامين ​نتنياهو​ وزعيم مُعسكر "وسط - اليسار" ​بيني غانتس​، لإحراجهما بما طرحه لتشكيل حكومة وحدة ثلاثية تضم إلى حزبه، حزبيهما "الليكود" و"أزرق - أبيض".

ويُدرك "المُستوطن الروسي"، أن مثل هذا الطرح لن يلاقي قبولاً لدى "الليكود" لأنه يستهدف بالدرجة الأولى حلفاءه "الحرديم"، وهم على خصومة - مع حليفهم السابق - ليبرمان، الذي يُركّز على ضرورة اشراك المُتدينين في التجنيد الاجباري، وهو على يقين أن مُجرّد تفكير نتنياهو بقبول هذه المُبادرة يعني اقتصار المُؤيدين على 32 نائباً يُمثلون حزب "الليكود" وبينهم من يتربص به لمُنافسته على رئاسة

الحزب.

وإبعاد "الحرديم" عن "الليكود" لا يضعف نتنياهو فقط، بل يُكرّس نكثه بالوعود وخبثه بالالتفاف على حلفائه!

ويمنّي ليبرمان النفس بتحقيق تفكك داخل "الليكود" يساعده على تبؤو مركز مُتقدّم في اليمين المُتطرّف.

وإن كان "أزرق - أبيض" يلتقي في بعض عناوين مُبادرة ليبرمان، فإنه إذا ما تحالفا، ومع عدم إمكانية اشتراك "القائمة العربية المُشتركة" في مثل هكذا حكومة، فإن التمثيل يتوقف على 52 نائباً (44 "وسط - اليسار" و8 "إسرائيل بيتنا")، وبالتالي لا إمكانية لنيل ثقة "​الكنيست​"، لكن الشرط الأساسي الذي يُواجه خطة ليبرمان، هو رفض "أزرق - أبيض" أن تكون الفترة الأولى ل​رئاسة الحكومة​ من نصيب نتنياهو.

وجاء طرح ليبرمان ليُدغدغ مشاعر رئيس الكيان الإسرائيلي ​رؤوفين ريفلين​، الذي قدم مُقترحاً بأن يتولى نتنياهو رئاسة الحكومة مع إعطاء الصلاحيات للقائم بأعماله - أي نائبه - التي سيتولاها غانتس، لكن في حال تعذر على نتنياهو القيام بمهامه، جرّاء تقديم لائحة اتهام ضده، حينها يتولى رئاسة الحكومة غانتس.

الجميع يطمح إلى انتخابات عامة ثالثة هذا العام، بعدما كانت قد جرت في 9 نيسان الماضي، وفشل نتنياهو بتشكيل حكومة، ثم في 17 أيلول الماضي، ولم ينجح أيضاً نتنياهو بتشكيلها.

والساعون إلى اجراء ​الانتخابات​ لا يريدون تحمل مسؤولية الأخذ بهذا الاتجاه أمام الناخبين الإسرائيليين، حتى لا ينعكس ذلك عليهم في صناديق الاقتراع، وما يتمنونه يعملون له من خلف الكواليس.

نتنياهو الطامح في البقاء برئاسة الحكومة، ليسجل ولاية خامسة لتكون أطول فترة برئاستها، مُتقدماً على رئيس الوزراء الأوّل لحكومة الاحتلال ديفيد بن غوريون، ومُواجهة لوائح الاتهام المُقدمة ضده، ويأمل في الانتخابات المُقبلة تأمين الأكثرية في "الكنيست" التي كانت تفصله عنها هذه المرة 6 أصوات، وفي المرة السابقة صوت واحد، وذلك من خلال استعمال أسلوبه التحريضي.

فيما غانتس يسعى إلى توسيع مكانة حزب "أزرق - أبيض" وتحالفاته، بينما ليبرمان سيُحاول الاستفادة في أي انتخابات برفع تمثيله من 8 نواب، بعدما كان يتمثل في الانتخابات الماضية بـ5، اظهاراً بأنه ثابت على مواقفه، ولن يتدخل في "بازار" التفاوض السياسي على ما طرحه في برنامجه الانتخابي، على الرغم من مُحاولات نتنياهو الاستجداء بالرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​، حيث ينتمي المُستوطن ليبرمان لأصوله الروسية.

واقترح ليبرمان، أمس الأول (الأربعاء)، تشكيل فريق عمل مُشترك مكون من "أزرق - أبيض" و"الليكود" و"إسرائيل بيتنا"، لصياغة المبادئ الأساسية التي ستقوم عليها الحكومة.

وفي المرحلة الثانية، يتم اعتماد مُقترح ريفلين، المُتعلق برئاسة الحكومة الإسرائيلية، والذي يقضي بأن يتولى نتنياهو رئاستها، ولكن في حال تعذر عليه القيام بمهامه، بسبب تقديم لائحة اتهام ضده، يتنحى ويتولى رئاسة الحكومة مكانه غانتس.

وفي المرحلة الثالثة، يتم تشكيل حكومة وحدة من الأحزاب الثلاثة، التي يتعين عليها المُصادقة مُباشرة على ميزانية ​الدولة​ للعام 2020، بالإضافة إلى إقرار ميزانية ​الجيش​ عبر خطة لعدة سنوات لاستخدامها في السنوات العشر المُقبلة.

وفي المرحلة الأخيرة، يتاح لجميع الأحزاب والكتل البرلمانية، التي تُوافق على المبادئ الأساسية لبناء حكومة الوحدة، فرصة الانضمام إليها.

وعارض "الليكود" خطة ليبرمان، حيث اعتبر مسؤول فيه أنه "لا يوجد شيء جديد يُطالب ليبرمان بتفكيك تحالف 55 شريكاً".

فيما اعتبر حزب" أزرق - أبيض" خطة ليبرمان بأنها دعوة إلى "الليكود" للاستيقاظ وإجراء

مُفاوضات هادفة وواضحة، والاتفاق على الخطوط الأساسية لأي حكومة".

وهذا ما يُرجح أن يكون خيار إجراء انتخابات ثالثة هو الأكثر احتمالاً، لأن الأحزاب ليس لديها نية للتخلي عن شروطها.

وخلافاً لما جرى التلميح إليه سابقاً من أن نتنياهو قد يعيد إلى ريفلين، التكليف الممنوح إليه ل​تشكيل الحكومة​، فلا زال مٌحتفظا به مُترقباً حصول أي تطور.

ويُحاول "الليكود" من خلف الكواليس، الدفع إلى انشقاقات داخل أحزاب أخرى من أجل الانضمام إلى ائتلافه، لتجاوز حالة الجمود السياسي.

إلى ذلك، ما زال يتفاعل التحرّك الفلسطيني داخل البلدات المُحتلة في العام 1948، ضد تواطؤ حكومة ​الاحتلال الاسرائيلي​، مع استفحال ظواهر ​العنف​ والجريمة في المُجتمع العربي.

وأمس، انطلق عشرات آلاف المُتظاهرين ​الفلسطينيين​ في قوافل سيّارة من مُختلف المناطق إلى ​مدينة القدس​ المُحتلة، وهم يرفعون ​اللافتات​ المُنددة بالجرائم والتواطؤ الاحتلالي معها.

والتقى وفد من "القائمة العربية المُشتركة" برئاسة ​أيمن عودة​، وزير ​الأمن الداخلي​ في حكومة الاحتلال غلعاد أردان، مُطالبين بـ"خطة حكومية واضحة لاجتثاث العنف والجريمة"، دون أن يتم التوصّل

إلى نتائج عملية، بعدما تهرب أردان الذي برر ذلك بأنه "ليس من صلاحياتي"، على الرغم من تأكيداته أن "الوزارة بدأت بالفعل الدفع بتعزيزات شرطية للبلدات العربية لمُواجهة الجريمة".