فيما كانت الأنظار متجهة في الأيام الماضية إلى ​باكستان​، حيث يقوم الرئيس عمران أحمد خان نيازي بجولات مكوكية بحثاً عن حلول للأزمة ​الخليج​ية، هزّ ​انفجار​ ناقلة ​النفط​ ال​إيران​ية سكون المنطقة ليعيد ترتيب الأوراق من جديد، بعد أن ظن المراقبون أن الأوضاع بدأت تتحلحل بين إيران و​السعودية​.

بداية من المساعي الباكستانية، بدأ يلوح في الأفق تغيّرات في الأجواء السياسية في المنطقة بشكل عام. هذا التغيّر بدأ يظهر في لقاءات وزير الخارجية الإيراني ​محمد جواد ظريف​ في ​واشنطن​، إضافة لتحركات الرئيس الإيراني ​حسن روحاني​ على صعيد التوتر في الخليج.

أولى الخطوات العملية التي يمكن ربطها في هذا التغيّر، هو اعلان خان من واشنطن أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان طلب منه الوساطة مع ​طهران​ رغبة في تجنب أي مواجهة عسكرية. ومن ثم كانت زيارة لرئيس الوزراء العراقي ​عادل عبد المهدي​ للرياض. كل هذه الزيارات والجولات لم تنجح في إطلاق المفاوضات بين ​ايران​ والسعوديّة، خصوصاً بعد رفض طهران الدخول في اي مفاوضات قبل قيام ​الرياض​ بوقف الحرب على ​اليمن​ والتفاوض مع حركة "أنصار الله". فهل ما حصل صباح أمس كان للضغط من جهة خارجية على ايران لقبول التفاوض؟.

في هذا السياق، من الضروري التذكير أنه في السابق حين تعرّضت ايران للضغط السياسي، كان الجواب يكون بضربة على ناقلات نفط خليجية من جهة مجهولة، لانتزاع موقف معيّن. وما حصل صباح الأمس شبيه بالحوادث السابقة، إلا أن المستهدف اليوم هو من كان المستفيد في السابق. هما صاروخان انطلقا من جهة مجهولة ضربا ناقلة النفط الإيرانية التي كانت في مياه الخليج، وفق أغلب الروايات الإيرانيّة. لم يُعرف بعد مصدرها كما أن السلطات في ايران رفضت كل الاتهامات التي أصدرتها بعض وسائل الإعلام بأن السعوديّة مسؤولة عمّا حصل.

إنطلاقاً من ذلك، من الضروري التوقف عند المسار الذي ستسلكه الأحداث، لمعرفة تداعيات هذه الحادثة على الأوضاع في الخليج، فهي قد تقود إلى تسريع المفاوضات بين الجانبين، لكن في الوقت نفسه قد تؤدّي إلى إنهيارها بشكل كامل، الأمر الذي لا يريده الجانبان على ما يبدو، لا سيما أنهما يدركان العواقب التي قد تنجم عن مثل هذا السيناريو، ما يفتح الباب أمام سيناريو ثالث يتعلق باحتمال وجود فريق ثالث مستفيد من إستمرار التوتر بين طهران والرياض.

بالنسبة إلى السيناريو الأخير، لا يمكن إستبعاد الجانب الإسرائيلي الذي يسعى إلى اللعب على هذه الورقة منذ زمن، خصوصاً أنه يعتبرها الباب لفتح باب التواصل مع بعض ​الدول العربية​، على قاعدة التهديد المشترك من الجانب الإيراني، وهي فرصة بالنسبة له لا يمكن تعويضها في حال فتح باب التواصل بين طهران والرياض من جديد، لا سيما مع إعلان الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ نيته الإنسحاب من حروب ​الشرق الأوسط​.

على هذا الصعيد، هذه العملية، في ظل العمليات السابقة التي لم يتم الكشف بشكل جلي عن الجهة المنفذة لها، من المفترض أن تكون نقطة إنطلاق لمعالجة التوتر في منطقة الخليج، نظراً إلى أن التداعيات لن تبقى محصورة بها، بل ستشمل مختلف دول ​العالم​ بسب تداعياتها على إستقرار أسواق النفط العالمية، إلا أن هذا الأمر يتطلب شجاعة غير مسبوقة من الجانبين المعنيين، أي السعودية وإيران، بعيداً عن التدخلات السلبية التي تقوم بها جهات أخرى.

في المحصّلة، وزير الخارجية الإيرانيّة محمد جواد ظريف كان قد أرسل رسالة واضحة على هذا الصعيد، مفادها: "إما أن تنعم ​دول الخليج​ جميعها ب​الأمن​ أو ينحرم منه الجميع"، واليوم على ما يبدو حان الوقت لتحسم جميع الجهات موقفها، وتحديد المسار الذي ستسلكه الأحداث.