اعتبرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن "الرئيس التركي ​رجب طيب أردوغان​ حقق ما عجز عنه كثيرون، ووحد جميع الدول والقوى ضده، نظرا لخطوته المتهورة والمزعزعة للاستقرار"، مشيرةً إلى أن "أردوغان القومي الشعبوي صاحب النزعة الديكتاتورية كان يروج لنفسه على أنه رجل واحد ضد ​العالم​ على مدار 16 سنة متتالية، عندما كان رئيس وزراء ​تركيا​ ومن ثم رئيسا. والآن هو بمفرده حقا".

ولفتت إلى أنه "حتى في الوقت الذي يعبر فيه ​الاتحاد الأوروبي​، و​الولايات المتحدة​، و​روسيا​، و​إيران​، و​الدول العربية​ عن اعتراضهم على الغزو، إلا أن كلا منهم يحاول التكيف مع الغزو والبحث عن فائدة أو نفوذ في الوقت الذي يتغير فيه ميزان القوى في ​سوريا​ مرة أخرى"، مشيرةً إلى انه "مما لا شك فيه أن أردوغان توقع رد فعل ​أوروبا​ المعارض. وكان رده تهكميا عندما هدد بإرسال 3.6 مليون لاجئ سوري غربا، لقد كانت علاقات تركيا مع أوروبا في الحضيض بسبب سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان وهذا إحباط بالكامل لمحاولة الانضمام للاتحاد الأوروبي ويدفع القادة الأوروبيون الآن ثمنا باهظا لمحاولاتهم السابقة احتواء حكم أردوغان الاستبدادي وتطبيع العلاقات معه لأن أفعاله الأخيرة أتثبت لهم بالدليل القاطع أنه ليس ديمقراطيا ولا حليفا ولا صديقا".

وأضافت "البعض يعتقد أن الروس سيكونون سعداء. فبعد كل ذلك، يتمثل هدفهم طويل الأمد في طرد الولايات المتحدة من سوريا و​الشرق الأوسط​ بشكل أوسع ومع ذلك، كانت ردة فعل ​موسكو​ حيال الغزو سلبية إلى حد كبير، كما كان الحال بعد تدخل تركيا في ​محافظة إدلب​ السورية العام الماضي".

وأوضحت الصحيفة أنه "أرسلت روسيا قواتها إلى سوريا عام 2015، وارتفعت التكاليف السياسية والمالية عليها. كما أن تحرك أردوغان يزيد الأمور تعقيدا، وذلك من خلال عرقلة التسوية السلمية التي كانت تتبعها روسيا وإيران وتركيا عبر عملية ​أستانا​، لهذا السبب تحث روسيا ​الأكراد​، الذين تخلت عنهم الولايات المتحدة الآن، على الموافقة على اتفاقية دفاع متبادل أو على نوع من الترتيبات ​الفدرالية​ مع الأسد وهذا هو سبب توجه قوات ​الجيش السوري​ والمليشيات الموالية لإيران نحو المناطق التي يسيطر عليها الأكراد من ​الجنوب​. ويرى الأسد فرصة لاستعادة الأراضي المفقودة، فهو بالطبع لا يعجبه لهاث أردوغان السخيف لتحقيق المنطقة الآمنة".

وتابعت "إيران سعيدة لكن لأسباب مختلفة وإنها تريد أيضا رؤية مغادرة الأمريكيين ولا تحب الأكراد، الأقلية المزعجة داخل إيران وتعد المخاوف بشأن نهوض ​تنظيم داعش​، أمرا شائعا ومشتركا بين جميع اللاعبين الإقليميين. وفي هذا الصدد على الأقل، الخصوم يجدون أنفسهم الآن على نفس الجانب ولقد أدانت الحكومات العربية، بما فيها مصر و​الأردن​ و​البحرين​ و​لبنان​ و​الإمارات​ و​السعودية​، تركيا، فبعد دعمها لمناهضي ​حكومة​ الرئيس ​بشار الأسد​ في البداية، اتبعت العديد منها تقاربا حذرا مع الرئيس السوري في الأشهر الأخيرة، استنادا إلى مصلحة مشتركة تتمثل في الاستقرار ودعم مبدأ السيادة الإقليمية ويعارض القادة العرب أيضا دعم أردوغان للإخوان المسلمين وأفكاره العثمانية ​الجديدة​ حول الهيمنة التركية الإقليمية. وعلى غرار روسيا وإيران، فهم يعتقدون – على مضض ولكن بشكل عملي – أن الطريقة الوحيدة لإنهاء حرب سوريا والسيطرة على ​الدولة​ هي القبول بالأسد ومن باب المفارقة قد يؤدى انسحاب ​ترامب​ من سوريا – الذي يقدم فكرة واقعية عن حدود القوة الأميركية – إلى سلام في ​الخليج​ بطريقة غير مباشرة وينهي الحرب بالوكالة بين إيران والسعودية في ​اليمن​ ويحبط محاولات الذين ضغطوا بشدة لإشعال الحرب مع ​طهران​".