أكد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي انّ "مصلحة لبنان تكمن أساساً في التنسيق والتكامل مع سوريا، ولولا هذا التنسيق والتكامل ما كانت الجرود لتتحرر من الارهاب، ومن دونهما لا يمكن للبنان أن يتعافى أو ينتعش اقتصادياً"، مشيرا الى "اننا نُعرب عن تقديرنا لأيّ موقف لبناني رافِض للاملاءات والضغوط الخارجية، والتي يبدو أنها لا تزال تمنع عدداً من الدول العربية من استئناف علاقاتها الطبيعية مع سوريا".

وفي حديث اذاعي شدد السفير السوري على أن "دمشق انتصرت على الارهاب بالتعاون مع حلفائها، ونحن مرتاحون الى وضعنا، ونسعد بالزائرين، مع العلم انّ من يزور سوريا يقوى بها أكثر ممّا يضيف الى قوتها"، مؤكدا ان "لا مِنّة لشقيق على شقيقه إذا زاره وعزّز الروابط والمصالح المشتركة معه، لأنّ هناك أخوّة بين لبنان وسوريا وكلاهما يحتاج الى الآخر"، مشيرا الى ان "سوريا منفتحة على مناقشة متطلبات لبنان بعد إعادة فتح معبر البوكمال"، داعياً الى "تشكيل لجان مشتركة تتولى درس خيارات التعاون والتنسيق لخدمة المصالح الحيوية للدولتين في مجالات عدة".

واوضح علي ان "سوريا، وعلى الرغم من أزمتها، لا تزال تغطي حاجة السوق الداخلية من الدواء المصنوع محلياً بأرخص الاسعار وأفضل نوعية، وبإمكان لبنان الاستفادة من ذلك. وكذلك تغطي الكهرباء كل ​الاراضي السورية​، ونحن قادرون على مدّ لبنان بـ500 ميغاوات فوراً، وإذا تحسنت خطوط النقل ترتفع النسبة الى 1000 ميغاوات وبأسعار أقل من تلك التي تدفعها ​الدولة اللبنانية​، وهذا ما يعرفه جيداً الأشقاء في بيروت، وغير ذلك من المجالات التي يمكن ان تشكّل مساحة للتكامل، إنما لا أعرف أيّ نوع من الحسابات يعطّل هذه الفرَص".

وابدى علي بعض الملاحظات على اللغة المستخدمة أحياناً في معرض مقاربة ملف العلاقة مع دمشق، كأن يقول الوزير ​جبران باسيل​ انه يريد ان يزور سوريا ليعود النازحون اليها، كما عاد جيشها، مشيراً الى أنه "كان يتمنى لو انّ لغة الخطاب كانت محسوبة أكثر، على قاعدة مراعاة مشاعر السوريين والروابط المميزة التي تجمع الشعبين، مضيفا:"نحن نرى انّ ايّ خروج عن اللغة المدروسة قد تسبّب فجوات وجروحاً، ليست في محلها"، مؤكدا "اننا نرفض توصيف الوصاية، لأننا دخلنا لبنان لنَجدته بطَلب من الشرعية. نعم، حصلت لاحقاً أخطاء من مسؤولين عندنا ومن مسؤولين لبنانيين ايضاً، والرئيس ​بشار الاسد​ توقّف في مناسبات عدة عند الأخطاء السورية، لكنّ علاجها لا يكون بالطريقة التي يعتمدها بعض اللبنانيين، ودمشق قامت بالمراجعة ومستعدة للقيام بها، كلما اقتضى الأمر، علماً انّ السلبيات المَشكو منها هي بالتأكيد أقلّ من الايجابيات، إذ إنّ سوريا قدّمت الى لبنان أكثر ممّا أخذت، بعدما ساهمت في توحيد صفوف ​الجيش​ والنهوض بمؤسسات الدولة وتحرير لبنان وإعادة توحيده، وشَكّلت الظهير الاستراتيجي للمقاومة في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي. هذه تضحيات ومساهمات لا ينبغي تجاهلها في معرض مراجعة تجربة العلاقة بين الدولتين".

وشدد على ان "سوريا تقدّر عالياً موقف ​الرئيس ميشال عون​، الذي راهَن على انتصار سوريا منذ اليوم الاول للأزمة، وأنا أعرف شخصيّاً هذه الحقيقة التي عايَشتها عن قرب، أمّا الوزير جبران باسيل فهو موضع ترحيب في دمشق وأهلاً وسهلاً به، وإن يكن يحقّ لي أن أتساءل: لماذا لم تتم الزيارة من قبل، علماً انه يجب ان يكون معروفاً انّ المردود من زيارة وزير الخارجية او اي مسؤول لبناني آخر إنما يخدم لبنان وسوريا، وربما لبنان قبل سوريا"

ولفت علي الى انّ "القيادة السورية كانت، ولا تزال، حريصة على تقديم أقصى التسهيلات الممكنة لإعادة النازحين الى وطنهم، موضحاً انه تندرج ضمن هذا الاطار مراسيم العفو الرئاسي والاجراءات المَرِنة المتخذة من قبل ​وزارة الداخلية​، والتي وصلت الى حَد مَنح أصحاب القضايا العالقة حق أن يغادروا سوريا مجدداً ويعودوا من حيث أتوا، إذا تبيّن لهم بعد رجوعهم الى ربوع الوطن انّ المعالجات او التسويات المقترحة لملفاتهم لا تناسبهم"، مضيفا:"سوريا تريد أبناءها وهم أيضاً يريدونها، لأنه ثبتَ أنّ ما يلقونه في بلادهم من خدمات مجانية ومعاملة لائقة لا يجدونه في اي مكان آخر، ثم اننا مُقبلون على ورشة إعمار ضخمة ستحتاج الى جهود كثير من العمال وأصحاب الكفاءات السوريين، ما يُضاعف أهمية عودة النازحين، وإذا كانت المنظّمات الدولية حريصة حقاً على حقوق هؤلاء وكرامتهم فإنّ المبالغ المالية التي تمنحهم إيّاها في مخيمات لبنان يجب ان تدفعها لهم في الداخل السوري حيث قيمتها الشرائية أقوى بكثير، إلّا انّ الواضح حتى الآن هو انّ بعض تلك المنظمات تعتمد التحريض والتخويف في مقاربتها هذا الملف".